على العقلاء في موريتانيا؛ أن ينتبهوا إلى: أن فيه ثلاث ملفات لم تعد تقبل التأجيل:
ملف الرق ومخلفاته.
وملف الفساد.
وملف الشباب الضايع بفعل تدمير التعليم خلال العقود الماضية .
لكن يبقى ملف الرق ومخلفاته؛ هو أولية الأولويات؛ لاعتبارات إنسانية وثقافية واجتماعية واقتصادية وتنموية؛ لحرمانه لشريحة واسعة من حق العيش الكريم؛ وتعطيله بالنتيجة لمسار التنمية في موريتانيا.؛ وهو ما يجعل الطريقة التي سيتم بها معالجة هذا الملف الشائك؛ يتوقف عليها مستقبل موريتانيا .
لن ندخل في الجدل الدائر؛ هل الرق ما زال يمارس في موريتانيا كما كان في الماضي ؛ أم أن ما هو موجود يقتصر على مخلفاته فقط؟
وهل شريحة أبناء الارقاء السابقين؛ تنتمي إلى المكون العربي في هذه البلاد؛ أم قومية قائمة بذاتها ؟
وهل أن الرق موجود فقط في العنصر العربي؛ أم أنه موجود في مختلف القوميات والاثنيات في موريتانيا ؟
وهل أن ظاهرة الرق؛ ظاهرة خاصة بفضاء الصحراء؛ التي توجد من ضمنه موريتانيا؛ أم أنها ظاهرة عرفتها كل الفضاءات الجغرافية والمجموعات البشرية؛ وبقائها في موريتانيا؛ مرتبط بتخلفها وتعطل مسار التنمية بها؛ بفعل عدم الاستقرار السياسي وانتشار الفساد ؟
ليس هذا هو موضوعنا؛ وبالتالي لن نجيب على هذه الأسئلة.
لكن الذي سنكز عليه؛ وينبغي أن يعرفه الجميع في موريتانيا؛ هو أن موضوع الرق ومخلفاته؛ هو موضوع وطن بكامله؛ وأن معالجته بشكل صحيح؛ تراعى اقتلاعه من جذوره؛ سيفتح الطريق أمام التعايش السلمي بين مختلف مكونات الشعب الموريتاني؛ ويضمن له الإستقرار والتفرغ لمشاغل التنمية وكسب رهاناتها.
لكن ذلك يتطلب جملة الشروط ينبغي توفرها:
1 – أن ننطلق من مسلمة؛ وهي أن موضوع الرق ومخلفاته؛ ليس موضوع شريحة معينة أو أبناء الأرقام السابقين ؛ وإنما هو موضوع وطن؛ ينبغي أن يتجند له الجميع من أجل القضاء عليه ومحو مخلفاته.
2 – أن معالجة موضوع الرق ومخلفاته؛ لا ينبغي أن تتم من خلال مدخل واحد؛ وإنما تتم من خلال عدة مداخل:
المدخل الديني؛ المدخل التربوي؛ المدخل الاقتصادي؛ المدخل الاجتماعي؛ المدخل الثقافي؛ المدخل النفسي……….
3- أن نبتعد عن التوظيف السياسي في معالجة موضوع الرق ومخلفاته؛ والعمل بالمقابل؛ من خلال المدخل التنموي في معالجة الموضوع، عبر خلق ديناميكية تنموية حقيقية؛ تسع الجميع في موريتانيا.
4- الابتعاد عن الخطاب الشرائحي التحريضي؛ في معالجة موضوع الرق ومخلفاته؛ وإحلال محله خطاب حقوق الإنسان والعمل على نشر ثقافة وقيم المواطنة.
5 – اعتبار التعليم هو السلم الوحيد للترقي الاجتماعي.
6 – العمل على تكريس قيم العدالة وتكافؤ الفرص في موريتانيا.
خلاصة القول:
إن القضاء على الرق ومحو مخلفاته؛ مسؤوليتنا جميعا في موريتانيا؛ من سلطات عمومية ونخب ثقافية وفعاليات مدنية؛ وأنه حان الوقت للتخلص من عار العبودية وكل ما ينتهك حقوق الإنسان أو يحط من إنسانيته؛ الإنسان الذي كرمه المولى عز وجل؛
كما ينبغي أن نعرف في الأخير: ” أن العدل أساس العمران؛ وأن الظلم مؤذن بخراب الأمم”.