يستقبل المواطن الموريتاني في كل مرة خبر التعديل الوزاري بمزيج من الأمل والحذر فالأمل يراوده في أن تكون هذه المرة مختلفة وأن يأتي التغيير بجديدٍ يحمل معه وجوهًا جديدة وأفكارًا إصلاحية قادرة على ملامسة هموم الناس اليومية بينما الحذر ينبع من تجربة طويلة علمته أن التعديلات الوزارية في البلاد كثيرًا ما تكون تبديلًا في الأسماء لا تحولًا في السياسات.
لقد تحوّل التعديل الوزاري في موريتانيا إلى حدثٍ متكرر يشبه المشهد المسرحي الذي تتبدل فيه الشخصيات بينما تبقى النصوص ذاتها.
يعود وزراء غادروا من قبل إلى مناصب جديدة ويتنقل آخرون بين الحقائب كأنها كراسٍ في دائرة مغلقة فيما يظل المواطن متفرجًا يتساءل إلى متى سيظل هذا الدوران في الحلقة نفسها؟
البلاد اليوم تحتاج أكثر من مجرد تغيير شكلي تحتاج ثورة فكرية وإدارية داخل مؤسسات الدولة تقوم على الكفاءة لا على الولاء وعلى النزاهة لا على المجاملة.
فالتنمية لا تتحقق بقرارات فوقية أو أسماء لامعة بل بإرادة حقيقية تضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.
لقد أثبتت التجارب أن الموريتاني لا يطلب المستحيل فهو لا يريد من الوزير الجديد سوى أن يعمل بجد ويستمع إلى نبض الشارع ويضع حلولًا واقعية بدل الوعود المتكررة.
غير أن هذا لن يتحقق ما لم يتم القطع مع ثقافة إعادة التدوير السياسي التي ظلت تحكم التعيينات منذ عقود.
التعديل الوزاري الحقيقي هو ذاك الذي يشعر به المواطن في حياته اليومية في خدماتٍ أفضل وتعليمٍ أرقى وصحةٍ ميسّرة وإدارةٍ قريبة من الناس. وما عدا ذلك فهو مجرد تغيير في الوجوه دون تغيير في النهج.
سيدي عالي