كانت القمة العربية في زمن مضى رمزًا للهيبة وعنوانًا للوحدة ومنبرًا لقرارات تهزّ العالم قبل أن تُكتب.
كان العرب يجتمعون على كلمة ويختلفون في التفاصيل لكن قلوبهم كانت تنبض بقضية واحدة وعيونهم ترنو نحو القدس نحو الكرامة نحو المصير المشترك.
كانت قمة العرب إذا انعقدت ترقبها الأمم وتحسب لها القوى العالمية ألف حساب.
أما اليوم فما الذي بقي من تلك القمة؟
قمة تُعقد بترف الفنادق وتُنقل على الهواء كعرض مسرحي كلمات مرتبة بإتقان لكن لا روح فيها لا فعل بعدها لا موقف يغيّر ولا قرار يُنفّذ.
قمة اليوم باتت قمة “الخطابات” لا قمة “الإرادات”.
قمة المجاملات السياسية لا قمة الصراحة والمصارحة.
لم تعد قمة العرب سوى مظاهرة كلامية موسمية تُسجل فيها المواقف أمام الكاميرات وتُمحى بعدها في الكواليس.
فكيف نرجو من قادة لا يملكون قرارهم أن يصنعوا قرارًا يخص أمتهم؟
كيف نطلب موقفًا حازمًا من أنظمة تتلقى تعليماتها من واشنطن وتل أبيب قبل أن تتشاور مع شعوبها؟
غابت فلسطين عن جدول الأعمال إلا من باب التبرير وغاب الغضب عن كلماتهم وغاب الشرف عن سياساتهم.
وبينما تُرتكب المجازر في غزة وتُزهق أرواح الأبرياء يجتمع القادة على طاولة باردة لا دماء فيها ولا حرارة يعلنون بيانات لا تسمن ولا تغني من دم، يطالبون بـ”ضبط النفس” وكأن القاتل والمقتول سواء.
أي قمة هذه التي لا تملك حتى إدانة صريحة للاحتلال؟
أي قمة هذه التي تخاف من الغضب الأمريكي أكثر من خشيتها من الله والتاريخ؟
أين القادة الذين كانوا يرفعون أصواتهم لا أياديهم؟
أين القادة الذين كانوا إذا صرخوا ارتجفت العواصم؟
ضاعت القمة العربية كما ضاعت القدس كما ضاعت الكرامة.
لأن القادة لم يعودوا قادة بل موظفون لدى المشاريع الغربية وأتباع يسيرون في طوابير خلف مصالحهم الضيقة غير مبالين بشعوب تحترق وأرض تُغتصب وهوية تُمحى.
لكن الشعوب لا تموت والأمة لا تُهزم إلى الأبد فإذا سقطت القمة الرسمية ففي الشوارع والميادين وتحت القصف تولد قمم الشرف وتُكتب قرارات الكرامة.
ولتعلموا جميعًا:
أن التاريخ لا يرحم والخيانة لا تُنسى والأمة ستنهض رغمًا عن كل من باعها في قاعات القمم.