المكان :فلسطين المحتلة ,الزمان 7أكتوبر2024حيث تدور حربٌ طاحنة وظالمة بين جيشين : جيشِ احتلال يمتلك آخر صيحات الدّمار الشامل وجيل ينشد الحرية ولا يرضي الضيمَ وبيده سلاح الفتوة والاستبسال.
ويتربع عجوزٌ هرِمٌ في البيت الأسودِ لا شغل له سوى إصدار الأوامر لما سموه(البنتاقْون) بإمْطار شعوب الأمة بكافة أنواع أسلحة الدمار من خلال حاملات الطائرات والفرقاطات والمدمرات وغيرها من السفن التي تمخر في بحور الدنيا في فوضى حربية وعسكرية لا مثيل لها لكنها بأي حالٍ لا يمكنها إسكاتُ أصحابِ الحقِ.
لقد أيقظَ سابعُ أيام أكتوبر المجيد العالمَ بعدما توهم الجميع اندثار ما يسمى بنضال الفلسطينيين واستكْفائهم بحكم الخِزْيِ في الضفة وحصارٍ في القطاع.
لكن رجالات غزة الذين ظنناهم في غفوة لم يكونوا فيها بل كانوا في عملٍ جادٍ بعدما علِموا أن ليس في الأمة من يمدُ لهم يدَ العون وأن المتاركَ في نظرهم محْسِنٌ كما يقول المتنبي:(وَصِرنا نَرى أَنَّ المُتارِكَ مُحْسِنٌ وَأَنَّ صَديقاً لا يُضِرُّ خَليلُ.)
وجوابا للسؤال : أكُلُّ خَليلٍ هَكَذا غَيرُ مُنصِفٍ وَكُلُّ زَمانٍ بِالكِرامِ بَخيلُ؟
أجاب المتنبي: نَعَمْ دَعَتِ الدُنيا إِلى الغَدْرِ دَعوَةً أجاب إليها عالمٌ وجهولُ
هكذا يبدو الكون اليوم: غابة يطبعها الغش والغدر واللّؤم وتُرفع راياتٌ ومبادئُ زورا ونفاقا وتسلطا.
وفي الوقت الذي يتظاهر فيه بعض سكان واشنطن ولندن وباريس وغيرها من بلدان الغرب خلافا لحكوماتهم ,نُقابِلُ أمّة مسْتذّلة لم تستطع دوام الإعراب عن الدّعم للأهل في غزة حيث تحصُد أرواحَهم العفيفة طائراتُ وسفنُ العدو بالمئات والألوف أمام مرأى ومسْمَعِ عالمِ الاضطهاد وظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
وحُقَ للأرامل في غزة سؤالهم: أين العرب؟ أين الأحرارُ والجواب أنهم في حكم الغافي والذي في بعض المذاهب لا حرج عليه إذ هو كالمريض وأي مرضٍ أعتا من فقد الإحساس بالنخوة والضمير نحو قرابة الدّم والحضارة والجوار والتاريخ.
صحيحٌ أننا لا نُعمِم فثمة مواقفُ جريئة تُعبِرُ عن فهم أصحابها لما يدارُ للأمةِ في الخفاءِ بل وفي الظاهر أيضا.
وفي قصة (أكلتُ يوم أُكلَ الثورُ الأبيضُ) عبرةٌ لمن يعتبر,وهي رواية شخوصها ثيرانٌ وأسدٌ انتهي به المطاف بأكْلِهم واحدا تلو الآخر بسبب حيلة افتعلها:أنه لا يستهدفهم جميعا ما حال بين اتحادهم الذي لو تم كان ينجيهم .(القصة معروفة في مراجع كتاب القراءة الابتدائي).
ومن دون القياس عليه تنبأ المرحوم القذافي بالظاهرة في إحدى قمم جامعة الدول العربية التي لم تستطع جمْعَهم فكان ما كان مع الشهيد صدام حسين ومن بعد هو نفسه ولن يهدأ للأعداءِ بالٌ قبل الإجهاز علي كل من ينوي التحمية والتسخين دفاعا عن الحريم.
لقد سطَر أبطالُ غزة إلياذةً نادرة سيتم تدريس فصولها في الكليات الحربية لما شملت من مفرداتٍ جديدة من قبيل:المسافة صفر والنفق الحربي وعينات التصنيع التقليدي بقوة دمارٍ تشبه المُنتَج الحديث مثل: شواظ –الياسمين وغير ذلك.
لسنا بصدد ذكر أشخاص رواية هوميروس : (باريس بن بريام-أخيل-هيكتور-اجاممنون-هيوكوبا )وغيرهم بل نقصد الجانب البطولي في القصة فقط.
ونتعلم من درس طوفان الأقصى أن الإرادة والمروءة خيرُ دفاعٍ وأن البركة مع عدم الإذعان كما في موسوعة علي بن أبي طالب:
*والله إن امرأ يمكن عدوه من نفسه يعرق لحمه، ويهشم عظمه، ويفري جلده، لعظيم عجزه، ضعيف ما ضمت عليه جوانح صدره.
أنت فكن ذاك إن شئت؛ فأما أنا فو الله دون أن أعطي ذلك ضربا بالمشرفية تطير منه فراش الهام، وتطيح السواعد والأقدام، ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء. *وهو مذهب كتائب القسّام.
و تحضرني دروس الثانوية في نواكشوط حول حافظ ابراهيم والاستبداد عند الكواكبي فقد كتب حافظ ابراهيم عن معركة غير متكافئة(نسوةٌ عُزَّل وجيشٌ عَرَمْرَمٌ) يقول:
خَرَجَ الغَواني يَحْتَجِجْـ ـنَ وَرُحتُ أَرقُبُ جَمعَهُنَّه
وَالوَردُ وَالرَيحانُ في ذاكَ النَهارِ سِلاحُهُنَّه
وَإِذا بِجَيشٍ مُقبِلٍ وَالخَيلُ مُطلَقَةُ الأَعِنَّه
وَإِذا الجُنودُ سُيوفُها قَد صُوِّبَت لِنُحورهن
فَتَطاحَنَ الجَيشانِ سا عاتٍ تَشيبُ لَها الأَجِنَّه
أوردته لأبين الفرق بين سلاح القسام والسلاح الأمريكي الذي بيد الاحتلال ووجه الشبه :معركة نساء سلاحهن الورد والريحان ضد جيش مدجج.
فإلي متى هذا التخاذل فإن كان خوفا من إسرائيل فقد أثبتت التجربة أن من يعجز عن كسر شوكة فصيل محاصَرٍ لن يقدر علي أمةٍ. وأما الشعوب الداعمة لغزة فواجبها أنْ يكون تظاهرُها أبديا حتى مع نهاية الحرب بالانتصار فلا يُعْقَلُ أن الغرب يتظاهر ونحن في إغفاءٍ, ذاك غير مقبول.