استعرض الوزير الأول السيد محمد ولد بلال، اليوم الجمعة أمام الجمعية الوطنية برنامج عمل الحكومة، وذلك خلال جلسة علنية عقدتها الجمعية صباح اليوم ، برئاسة السيد الشيخ ولد بايه، رئيس الجمعية الوطنية، وبحضور أعضاء الحكومة.النص الكامل لبيان السياسة العامة للحكومة:
“بسم الله الرحمن الرحيم،
وصلى الله على نبيه الكريم
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
يشرفني، عملا بمقتضيات المادة 42(جديدة)من الدستور، أن أستعرض أمام جمعيتكم الموقرة برنامج الحكومة.
وكما قد تتوقعون، فإنه يشرفني أن أجدد التأكيد على أن جهود الحكومة ستنصب على التجسيد الفعلي للمشروع السياسي الذي نال على أساسه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ثقة المواطنين بمناسبة الاستحقاقات الرئاسية الأخيرة.
وكما هو معلوم، فقد بين رئيس الجمهورية نفسه الملامح الكبرى لهذا المشروع في وثيقة تعهداته إذ وصفه بأنه “مشروع مجتمع تتعزز فيه القواعد الراسخة لبناء دولة حديثة تحتل المكانة اللائقة بها بين الأمم، مع الاحتفاظ لمجتمعنا بفيض روحاني متجذر في منظومة قيمنا الإسلامية، باعتبارها الأساسَ المكين لوحدتنا ولُحمتنا الاجتماعية.[..] مشروع دولة تعتبر فيها العدالة والمساواة والإخاء والمواطنة مرتكزات وقيما تأسيسية لا مجرد مفاهيم نظرية. دولة يكون فيها التعليم، والصحة، والنفاذ إلى الخدمات الأساسية، والابتكار، والاستثمار في المعرفة، أدوات لتغيير مصير الأفراد والجماعات”. نهاية الاقتباس.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
اسمحوا لي قبل تقديم الجوانب العملية للبرنامج بأن أتقاسم معكم بعض عناصر التوجه الاستراتيجي الذي سيرشد تفكيرنا وأعمالنا المستقبلية في ميدان خيارات التنمية الاجتماعية الاقتصادية.
وتستلهم هذه التوجهات الاستراتيجية بقوة من مشروع فخامة رئيس الجمهورية الذي يعتبر بحق أن الاستقلال الحقيقي لبلادنا يكمن في مدى قدرتنا على حسن تسيير ثرواتنا والاستفادة القصوى من مقدراتنا، وتنمية مواردنا وتنويعها، وعلى تلبية الحاجات الأساسية لمواطنينا وبلوغ أعلى درجات الاكتفاء الذاتي، والتوازن والأمن، باعتبار أن ذلك هو الضمانة الوحيدة الحقيقية لاستقلالية بلادنا وسيادتها.
ولا يمكن لبرنامج الإصلاحات المزمعة أن يؤتي أكله ما لم يرتكز على سياسة اقتصادية قادرة على تنشيط قطاعات الصناعة، والكهرباء، والصناعات الزراعية، والبناء والأشغال العامة، والسياحة، والخدمات وعلى تنمية التقنيات الجديدة وترقيتها، وكلها شعب ومجالات تتوفر فيها بلادنا على مقدرات كبيرة وأسواق واعدة.
وسيتم تحديد الأولويات في إطار مقاربة عقلانية تنصب على ترقية الجهات المغبونة والحد من مختلف أشكال التفاوت، وتنمية عالم الريف، ومكافحة الفقر والتهميش، وإشراك المرأة بصورة أكبر دائما في النشاطات التنموية، والرفع من مستوى الموارد البشرية وأخيرا، وبصورة خاصة، ترقية التشغيل ودمج الشباب في عملية الإنتاج.
ويقتضي تنفيذ هذا البرنامج الطموح وضمان نجاعته تعبئة جميع الطاقات، فضلا عن التناغم الأقصى بين التوجهات الوطنية الكبرى والبرامج المحلية والقطاعية والتضافر الأكثر ملاءمة بين جميع الفاعلين والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين.
ومما لاشك فيه أن تنمية بلادنا لا يمكن أن تقتصر على المجال الاقتصادي وحده، بل إنها تشكل كلا تتداخل فيه جميع مناحي الحياة العادية الأخرى التي بدونها يحكم على أي عمل تنموي بعدم النجاعة وبالفشل. وهكذا، فإن انبعاث اقتصاد تنافسي يشكل تحديا يتطلب رفعه مساهمة وتعبئة الأمة برمتها.
إن النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل اللائق وإعادة توزيع المداخيل كلهاأمور من صميم مسؤولية الدولة ، بل كان من الأولى أن أقول إنها ثمرة لجهود المقاولات وإنتاجيتها ومردويتها.
وعليه، فإن على الشركاء أن ييمموا وجوههم بحزم صوب مقاربة فعالة تستهدف عصرنة المقاولة وفعاليتها، من خلال تثمين الموارد الوطنية، الطبيعية منها والبشرية، ودمج التقنيات الجديدة بغية التوصل، في نهاية المطاف، إلى الجمع بين النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
إن البرنامج الذي ستعمل الحكومة جاهدة على جعله واقعا ملموسا سيعكس الأولويات التي حددها رئيس الجمهورية في تعهداته، والتي تندرج تحت أربعة محاور كبرى، هي:
1ـ دولة قوية وعصرية، في خدمة المواطن؛
2ـ مجتمع معتز بتنوعه ومتصالح مع ذاته ؛
3ـ اقتصاد مَرِن، صامد وصاعد؛
4ـ تثمين رأس المال البشري لتحقيق التنمية المنسجمة.
وسيتم تنفيذ هذا البرنامج وفقا لمنهجية صارمة تكرس مبادئ الحكامة الرشيدة، وتقوم على الركائز التالية:
- الشفافية التامة والتقيد بالقوانين والنظم الضابطة للشأن العام؛
- تقوية روح الفريق والتضامن الحكومي؛
- الاستباقية والشمول في معالجة الملفات؛
- تفويض المسؤوليات وتكريس المساءلة؛
- التنسيق المحكم والتنظيم الجيد لأساليب العمل.
وللتأكد من أن النشاطات المبرمجة في جميع المجالات تنفذ بالسرعة المطلوبة، تمت المبادرة بوضع آلية لقيادة الجودة مكلفة بالمتابعة اللصيقة للنشاطات المبرمجة والتقييم الأمين للأداء بناء على مؤشرات دقيقةترصد انعكاساتها الإيجابية على حياة المواطنين.
وبطبيعة الحال، فإن عمل هذه الحكومة استمرار لعمل حكومة سلفي، بحكم أنهما مكلفتان بنفس المهمة وتتبعان نفس الأجندة، أعني تنفيذ برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ” تعهداتي ” بصورة منظمة ومحكمة التنسيق.
غير أنه من البديهي أن السياق الراهن الذي يتميز بجائحة كوفيد 19، وإعداد خطة الانتعاش ما بعد الأزمة الصحية وافتتاح السنة الدراسية ومتابعة فصل الخريف وتكفل القضاء بنتائج تحقيق اللجنة البرلمانية حول بعض الملفات التي يفترض أنها شابتها شبه فساد، كل ذلك يقتضي من الحكومة في آن واحد معالجة مناسبة وعناية موصولة.
وتضاف إلى هذه الملفات الخاصة نسبيا التي يتطلب كل واحد منها على حدة معالجة سريعة، تحديات أبعد مدى بكثير لكنها لا تقل استعجالا، ألا وهي توطيد الوحدة الوطنية وتقوية اللحمة الاجتماعية وإقامة الإنصاف والعدالة الاجتماعية وتوفير فرص عمل لائق للشباب ومحاربة الرشوة.
ووعيا من الحكومة بالطابع المعقد والمشرف في آن للمهمة، وتعويلا منها على دعم فخامة رئيس الجمهورية ومساندة أغلبية البرلمان، فإنها عاقدة العزم على رفع كل هذه التحديات وستنفذ من أجل ذلك الإصلاحات والإجراءات المناسبة.
وهذه سانحة أنتهزها لتقديم تحية إجلال وتقدير لطواقمنا الطبية وقواتنا المسلحة وقوات أمننا على ما تحلوا به من مهنية وتفانطيلة أكثر من ستة أشهر منذ اندلاع الأزمة الصحية. كما أنها فرصة للحكومة لتدعو كل مواطن إلى المساهمة في التصدي للجائحة بالتحلي بسلوك المواطنة من خلال الالتزام بقواعد السلامة المعروفة في وقت سجلت فيه عودة ملحوظة للجائحة في جميع أنحاء العالم تقريبا.
ويجب، من الآن فصاعدا، إعطاء الأولوية فضلا عن حماية مواطنينا للإعداد الجيد لخطة الانتعاش الاقتصادي ما بعد الجائحة، مع الاستمرار في تعزيز إجراءات تخفيف آثارها على المواطنين والفاعلين الاقتصاديين.
وبخصوص ملف تحقيق اللجنة البرلمانية، فإنني أحرص على أن أوضح من على منبر ممثلي الشعب أن الحكومة تتعهد، بالاحترام التام لمبدأ الفصل بين السلطات طبقا للدستور. وبالتالي فإنها تمتنع عن التدخل، بأي شكل من الأشكال،في إجراءات القضاء المتعلقة بالملف المذكور،مع الالتزام، كما هو واجبها، بتطبيق ما قد يصدره القضاء من أحكام وقرارات بهذا الصدد أيا كانت.فبهذا الثمن وحده يمكن لبلادنا أن تتصف بصفة دولة القانون التي بدونها لا يمكن إنجاز أي شيء مستدام وقابل للبقاء على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
أما عن توصيات لجنة التحقيق البرلمانية المتعلقة بإصلاح الحكامة العمومية، فيمكنني أن أؤكد لجمعيتكم الموقرة الآن،باهتمام كبير وقوة،إرادة وعزم الحكومة على أخذها بعين الاعتبار، سبيلا لإضفاء المزيد من الشفافية على تسيير الشأن العام.
وفي هذا المنحى بادرت الحكومة فور تسلمها لتقرير لجنة التحقيق البرلمانية بوضع خطة عمل دقيقة ومنجمة تستهدف تفعيل هذه التوصيات تدريجيا في المديين القريب والمتوسط حسب درجة تعقيدها.
وسيقدم تقرير مفصل بصورة منتظمة لجمعيتكم الموقرة حول حالة تقدم تنفيذ التوصياتالمذكورة.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
ستمضي الحكومة قدما في تطوير وتعميق عملية بناء دولة يحكمها القانون في بلادنا، يتمتع فيها جميع المواطنين بالحقوق والحريات التي يكفلها الدستور، وتوفر لهم أسباب العيش الكريم في كنف الإنصاف والمساواة؛ دولة تضطلع بمهامها السيادية من خلال احترام القيم الديمقراطية وتعزيز الحكامة السياسية والإدارية وفي حفظ أمن واستقرار البلاد؛ دولة حافظة للهوية الوطنية وحصنها الحصين الدين الإسلامي الحنيف الذي تعتبر قيمه السامية درعنا الواقي من كل تطرف وانحراف، ومنبع إشعاع بلادنا في الداخل والخارج.
ومن هذا المنطلق، سنسهر، على المستوى السياسي، على تعزيز مقاربة الانفتاح التي كرسها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني منذ أول يوم من مأموريته، منهجا في الحكم وفي التفاعل البناء مع القوى السياسية الوطنية المختلفة، ومع جميع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين في البلاد.
وفي مجال الحكامة الإدارية سينصب عملنا على إعادة تنشيط جهاز الدولة من خلال رد الاعتبار لقيم العمل والاعتراف بالجدارة ونشر الممارسات الجيدة في مجال التسيير العمومي. كما ستهدف جهودنا إلى النهوض بالإدارة الإقليمية من خلال مراجعة النصوص التي تحكمها بغية مواءمة هياكلها مع محيطها القانوني والاجتماعي، بالإضافة إلى تكريس مؤتمر الولاة السنوي.
كما أن تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للامركزية والتنمية والنقل الفعلي للصلاحيات، ومراجعة أطر المالية المحلية، وتأطير التنمية المحلية، أمور ستمكن من إعطاء دفع قوي لمسار اللامركزية وجعل الجماعات الإقليمية محركا للتنمية القاعدية.
وفي هذا الإطار، أصبحت ترقية الجهات أمرا أكثر من ضروري لجعلها أقطابا تنموية وتحديد مقدراتها وتثمينها حسب النمط الاقتصادي لكل جهة ووفقا لخصوصيتها، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى الحد من تبعية الجهات للمستوى المركزي على الصعيد المالي.
وسيتم كذلك توطيد مكاسب تحديث ورقمنة الحالة المدنية من خلال تطوير النظام المندمج لتسيير السكان والوثائق المؤمنة، بما يضمن رفع العوائق الفنية التي تحول دون نفاذ كافة الموريتانيين إلى التسجيل ودون حصولهم على وثائق الحالة المدنية في آجال وظروف معقولة.
ومن جهة أخرى، ومن أجل إعطاء دفع جديد لعجلة إصلاح الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة وتحسين ظروف العمل والعمال وترقية الحوار والتشاور الاجتماعيين، ستنصب جهود الحكومة على توضيح مهام الإدارات، وإعادة تثمين موارد الدولة البشرية، وتمهين أسلاك الرقابة والتفتيش. كما ستقوم بإعداد النظم الأساسية للوظيفة العمومية المحلية والجهوية؛ وبمراجعة أنظمة التقاعد المتعلقة بها بما في ذلك آلية التمويل، وستتم عقلنة نظام رواتب موظفي ووكلاء الدولة التعاقديين ومؤسساتها العمومية ذات الطابع الإداري. وستعمل الحكومة على تطوير الإدارة الإلكترونية للإسراع بتحديث الخدمات العمومية والتحسين الكمي والنوعي للخدمات المقدمة للمواطنين.
إن الحكومة ملتزمة بحماية وترقية المبادئ والحقوق الأساسية للشغل من خلال القضاء على عمالة الأطفال، وعلى العمل القسري، وإصلاح نظام الضمان الاجتماعي، وتحسين أطر التشاور الاجتماعي عبر إعادة هيكلة المجلس الوطني للحوار الاجتماعي؛ هذا فضلا عن إطلاق مفاوضات ثلاثية الأطراف بين الدولة وأرباب العمل والعمال من أجل إبرام اتفاقية جماعية جديدة تحل محل اتفاقية 1974، وتأخذ بعين الاعتبار بشكل أفضل التشريعات الوطنية والدولية الجديدة في مجال العمل.
وفي سبيل تكريس احترام حرية الصحافة والتعددية الإعلامية، ستقوم الحكومة بمراجعة الإطار القانوني للصحافة لتفتح المجال لبروز صحافة وطنية متخصصة ومهنية ملتزمة بأخلاقيات هذه المهنة النبيلة، وتؤدي دورها على أكمل وجه في خدمة التنمية وتعزيز اللحمة الوطنية. وتلك هي الإرادة القوية لفخامة رئيس الجمهورية الذي أنشأ لجنة وطنية عهد إليها بتقديم رؤية واضحة لإصلاح وتمهين ” السلطة الرابعة”.
كما ستعمل الحكومة، من جهة أخرى، على مباشرة الإصلاحات الضرورية لتمكين منظمات المجتمع المدني من المشاركة بشكل أفضل في مجهود البناء الوطني بوصفها فاعلا أساسيا في مجال الحكامة الديمقراطية.
أما في مجال الأمن وحفظ النظام العام، فستواصل الحكومة الجهود الرامية إلى مضاعفة جاهزية قواتنا المسلحة وقوات أمننا وتمهينها بغية تأهيلها لمواصلة القيام بمهامها النبيلة في الحفاظ على أمن واستقرار البلاد ومواطنيها، وفي مواجهة كل التحديات الأمنية للبلاد. ولهذا الغرض سيتم إمدادها بمختلف الوسائل والتجهيزات الضرورية، بالتوازي مع تكثيف وتعزيز التكوينات والتدريبات والمناورات الميدانية.
كما ستعزز الحكومة آليات الإشراف والتنسيق في المجال الأمني، من خلال تفعيل مركز العمليات لتخطيط وتنفيذ العمليات الأمنية وعمليات حفظ النظام العام ومركز العمليات المشتركة المعني بمكافحة الجريمة والانحراف في الوسط الحضري.
ولهذا الغرض، ستعمل على تنفيذ مقاربة جديدة لليقظة وتحليل واستكشاف المخاطر الكبرى الطبيعية منها وتلك التي يتسبب فيها الإنسان، وعلى توسيع نطاق تطبيق نظام المعلومات حول السلامة الطرقية الذي أثبت نجاعته على محور نواكشوط – بوتلميت – ألاك، ليشمل المزيد من المحاور التي تكثر عليها حوادث الطرق. وفي هذا السياق ستزود المندوبية العامة للأمن المدني وتسيير الأزمات، التي تم إنشاؤها هذه السنة، بالموارد البشرية المؤهلة، وبالمعدات والتجهيزات الضرورية، وتفتتح لها مندوبيات جهوية.
ومن جهة أخرى، ستسهر الحكومة على توطيد استقلال السلطة القضائية وتقريب القضاء من المتقاضين، وتعزيزه بالكفاءات الضرورية من قضاة وأعوان قضاء وتحسين ظروف عملهم.
وفي هذا الصدد، ستحرص على مراجعة وتحيين النصوص السارية لتلائم المعايير الدولية لاستقلال القضاء، وعلى إنشاء لجنة دائمة للتقنين، بالإضافة إلى إصلاح التفتيش القضائي واستحداث معهد قضائي متخصص، تناط به مهمة التدريب المهني والرفع من كفاءات العاملين في القضاء.
كما ستعطي الحكومة أهميةخاصة لترقية الولوج إلى العدالة، ولا سيما عن طريق تعزيز نظام المساعدة القضائية، ومراجعة الخريطة القضائية، وتشجيع اللجوء إلى الطرق البديلة لتسوية النزاعات.
وستقوم، من جهة أخرى، بإصلاح مؤسسات السجون من أجل تعزيز أمنها وتحسين ظروف الاعتقال بها، إضافة إلى تشجيع إعادة التأهيل الاجتماعي والمهني للسجناء وإعادة إدماجهم.
أما على صعيد السياسة الخارجية، فستعمل الحكومة تحت سلطة فخامة رئيس الجمهورية على تنفيذ رؤيته الهادفة إلى تطوير دبلوماسية فاعلة ومتوازنة تستثمر موقعنا الجيوستراتيجي لصالح التقارب والحوار بين الدول على أساس مبدأ عدم التدخل والاحترام المتبادل.
ويعكس تسليم رئيس الجمهورية شخصيا رسائل التكليف إلى السفراء المعينين مؤخرا، وإعادة تنشيط المؤتمر السنوي للسفراء، الأهمية التي يوليها فخامته لسفرائنا من جهة، وحجم النتائج الكبيرة المنتظرة منهم، من جهة أخرى. ومن شأن إنشاء أكاديمية دبلوماسية هذا العام أن يوفر لدبلوماسيينا فرصا للتكوين المستمر، وأن يسمح بتعزيز نقل الخبرات بين أجيال الدبلوماسيين.
ولن تقتصر دبلوماسيتنا من الآن فصاعدًا، على الحدود التقليدية للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف، بل ستوسع مجال عملها ليشمل القنوات الاقتصادية والثقافية والدينية والبرلمانية، التي من شأنها أن تمكن من إبراز مقدرات بلادنا المختلفة، وتثمين مساهماتنا في مجالات الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
وستواصل بلادنا النهوض بدورها الأساسي في البحث عن السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. وفي هذا الميدان، يتمثل خيارنا الأفضل، في كل مرة، في حل النزاعات عبر التفاوض والتسهيل، خاصة في ما يتعلق بليبيا وسوريا واليمن والصومال.
وفي منطقة الساحل، تمثل خارطة طريق الرئاسة الموريتانية لمجموعة دول الساحل الخمس التي تركز على التنمية، دليلا قاطعا على الريادة التي نتبوأها في المنطقة، وعلى نجاعة الرؤية الموريتانية في مواجهة ظاهرة التطرف العنيف.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فإن بلادنا بوصفها عضوا في لجنة القدس، حريصة على أن تكون كلمتها مسموعة على الساحة الدولية، لتقدم مساهمتها في عملية السلام في الشرق الأوسط، والتي يجب أن تفضي حتما إلى إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف.
وعلى صعيد آخر، سنتمكن إن شاء الله في المستقبل القريب من ترجمة اهتمامنا بالموريتانيين في الخارج في تنظيم مؤتمر كبير لجالياتنا، نتوخى من خلاله الوصول إلى تحديد أفضل لاحتياجات أفرادها وأولوياتهم.ولحمايةوتحسين ظروف وتقاعد عمالتنا في الخارج، ستجري الحكومة مفاوضات من أجل إبرام اتفاقيات ثنائية مع الدول المضيفة لعمالنا بغية حفظ مصالح مواطنينا خلال ممارستهم نشاطاتهم المهنية وبعدها.
وفيما يخص تسيير الهجرة، فإن بلادنا التي أصبحت فضاء عبور وتنقل لموجات المهاجرين من الجنوب إلى الشمال، ستضع إستراتيجية تمكن من تسيير أفضل لهذه التحركات عن طريق إعطاء اهتمام كبير لمكافحة الهجرات غير الشرعية بما يترتب عليها من نتائج لها ارتباط وثيق بالإرهاب والتهريب.
أما في ميدان ترسيخ هويتنا الإسلاميةالوطنية، فسيحتل العمل الإسلامي المكانة المحورية التي يستحقها في برنامج الحكومة، وسيتجسد ذلك بحول الله وقوته في:
- تكثيف الجهود الهادفة إلى العناية بتحفيظ القرآن الكريم وبثه في البلاد وخارجها؛
- تنظيم العديد من الندوات والمؤتمرات الفكرية الوطنية الدولية، وتعزيز إذاعة القرآن الكريم وقناة المحظرة، لنشر قيم الإسلام الفاضلة، إسهاما في تفكيك خطابات التطرف والغلو الغريبة على مجتمعنا وعلى رسالة الإسلام السمحة؛
- العمل على تحسين ظروف ممارسة العبادات عن طريق تشييد المساجد وإعادة تأهيلها والتكفل بالمزيد من الأئمة والمؤذنين؛ وإيجاد حلول مستدامة لتحسين تنظيم الحج؛
- العمل على إقامة مركز وطني لتكوين الأئمة والخطباء؛
- العمل على إنشاء هيئة وطنية تعنى بجباية الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية؛
- تنشيط مؤسسة الأوقاف وتوسيع برامجها الاجتماعية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
لا يخفى عليكم أن توطيد الوحدة الوطنية وتقوية اللحمة الاجتماعية والقضاء على التفاوت الناشئ عن التمييز تشكل جوهر برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الذي يتضمن ” تنفيذ السياسات الاقتصادية والاجتماعية الكفيلة بمكافحة مختلف أشكال الغبن، وتعزيز شعور كافة المواطنين بالانتماء لوطن واحد يصون كرامتهم ويوفر لهم مقومات العيش الكريم ويضمن لهم المساواة في الفرص وأمام القانون “.
لذلك ستعطي الحكومة الأولوية المطلقة لتحقيق هذه الأهداف النبيلة وتتعهد بأن تعمل بكل ما أوتيت من قوة من أجل ذلك. وفي هذا الإطار، ستشن حربا لا هوادة فيها بغية القضاء نهائيا على مخلفات الرق، وتبذل غاية وسعها من أجل تضميد جراح الإرث الإنساني، وتسهر على ترقية الإنصاف بين مختلف جهات الوطن من حيث التجهيزات والمرافق العمومية.
وتجسيدا لهذه الأولوية، فإن الحكومة تتعهد بأن تنزل في صلب السياسات العمومية تحقيق الأهداف الإستراتيجية التالية:
- ترقية حقوق الإنسان؛
- حماية الفئات الضعيفة؛
- القضاء على مختلف أشكال التفاوت الناجمة عن التمييز الاجتماعي؛
- تمكين المرأة وتعزيز حضورها في هيئات صنع القرار؛
- دمج الأشخاص ذوي الإعاقة.
ففي مجال حقوق الإنسان، ستركز الحكومة جهودها على تعزيز حماية الفئات الهشة، وذلك من خلال وضع وتحيين وتنفيذ الاستراتيجيات التالية:
- الإستراتيجية الوطنية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها؛
- الإستراتيجية الوطنية للعمل الإنساني؛
- الإستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية؛
- الإستراتيجية الوطنية لترقية المجتمع المدني.
وبخصوص مكافحة مختلف أشكال التهميش والتفاوت الناجم عن التمييز الاجتماعي، فمن حسن الطالع أن يتزامن تعيين الحكومة مع إطلاق المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء(تآزر) تنفيذ خطتها الطموحة للتضامن الاجتماعي ومكافحة الغبن على المستوى الوطني، وذلك من خلال برامج ملموسة تغطي مجالات السكن والتعليم والصحة والمياه والطاقة والصرف الصحي والزراعة والقروض الصغيرة والتحويلات المالية والأمن الغذائي.
ولضمان تسريع تنفيذ خطة العمل المذكورة على أرض الواقع، ستستفيد المندوبية العامة(تآزر) من كل الدعم الضروري لإنجاز برامجها على أكمل وجه، ألا وهي:
1) برنامج ” الشيلة ” الهادف إلى تحسين نفاذ فقراء الأرياف والأحياء الهامشية في الوسط الحضري إلى الخدمات الأساسية ؛
2) برنامج “البركة ” لدعم فرص التنمية والشمول الاقتصادي من خلال حزمة من التدخلات تشمل تمويل الأنشطة المدرة للدخل في الوسطين الريفي والحضري والدمج في الشعب الواعدة اقتصاديا وتسهيل الولوج إلى القروض الخفيفة وإنجاز الاستصلاحات المائية الزراعية وتنمية عرض التكوينات المؤهلة في القطاعات الواعدة ودعم التشغيل في مختلف الشعب؛
3) برنامج “داري” الرامي إلى تحسين إطار حياة المواطنين الذين يعانون من الهشاشة والذي تتمحور تدخلاته حول تقديم دعم مالي للأسر في الوسط الحضري لبناء مساكن خاصة بها، ولإنشاء تعاونيات لبناء المساكن الاجتماعية في الوسط الريفي؛
4) برنامج “التكافل” للتحويلات المالية الذي سيواصل العمل في السنوات المقبلة على تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي وتحسين القوة الشرائية للأسر الأشد فقرا والذي ستوسع تدخلاته لتشمل جميع ولايات الوطن؛
5) برنامج ” أمل ” الرامي إلى ضمان الأمن الغذائي وحماية القدرة الشرائية للمواطنين المعوزين عبر توفير المواد الاستهلاكية الضرورية بأسعار مدعومة حيثما دعت الحاجة لذلك على امتداد التراب الوطني.
وفضلا عن هذه البرامج التي تتولاها وكالة تآزر، فستعزز الحكومة برامج الأمن الغذائي والشمول الاقتصادي التي تنفذها مفوضية الأمن الغذائي لصالح الفئات الضعيفة من خلال مواصلة عمليات التوزيع الظرفية للمواد الغذائية عند الحاجة وتنفيذ برامج خاصة لزيادة الإنتاج الزراعي وتمويل الأنشطة المدرة للدخل في جميع الولايات.
وفي هذا الإطار، ستركز الجهود على الوقاية من الصدمات والأزمات الغذائية عن طريق وضع نظام يقظة وإنذار مبكر. كما سيتم استباق الأزمات الغذائية، بشكل خاص، بفضل تعزيز قدرات التدخل الميداني وإنشاء صندوق خاص لتجديد المخزون الاحتياطي وبناء منشآت تخزين جديدة وتأهيل المنشآت القائمة، إضافة إلى عصرنة الوسائل اللوجستية.
وسيتم تحسين تغطية الحاجات الغذائية للمواطنين الضعفاء من خلال فتح مراكز الإنعاش الغذائي وترقية برنامج الكفالات المدرسية، إضافة إلى مواصلة عمليات التوزيع المجاني للمواد الغذائية والتحويلات المالية. وفي الوقت نفسه، سيتم العمل على تعزيز مناعة الجماعات الضعيفة عبر برامج خاصة تستهدف توفير نشاطات مدرة للدخل وخلق فرص عمل موسمي في الوسط الريفي.
وبخصوص تمكين المرأة، ستسهر الحكومة على تطبيق النصوص القانونية التي تحمي المرأة وتعمل على تعزيز مشاركتها السياسية، إضافة إلى الاستحداث التدريجي للميزانيات المراعية للنوع وتنفيذ برنامج واسع النطاق لدعم التمكين الاقتصادي للمرأة عن طريق التشغيل والأنشطة المدرة للدخل. وفي هذا الإطار، سيتم إعطاء عناية خاصة لترقية ريادة الأعمال النسائية وللدمج الاقتصادي والاجتماعي للفتيات اللائي هجرن المنظومة المدرسية مبكرا.
وفي الوقت نفسه، سيتم إيلاء عناية خاصة لحماية الأسرة ومعالجة انعكاسات التفكك الأسري على الأطفال، وذلك عبر تشجيع المصالحات سبيلا لتسوية النزاعات الأسرية وضمان اضطلاع الآباء بواجباتهم تجاه أبنائهم في جميع الظروف.
وستسعى الحكومة كذلك لتحقيق الدمج الاجتماعي المهني لذوي الاحتياجات الخاصة عن طريق تنفيذ سياسة إرادية ترتكز على إحصاء المعنيين وتنظيمهم حسب طبيعة الإعاقة وتوفير فرص عمل لصالحهم، مع تأمين نفاذهم إلى خدمات تربية وتكوين ملائمة كما وكيفا.
وفي هذا الإطار، سيتم تعزيز العرض التربوي لصالح هذه الفئة الكريمة، عر توسيع المؤسسات الموجودة وافتتاح المزيد منها وتكوين المكونين المختصين في تقديم الخدمات التربوية لمختلف فئات المعوقين.
وعلى صعيد آخر، ستقدم الحكومة الدعم لجمعيات الأشخاص المعوقينوتعمل على تعميم الضمان الصحي لصالحهم.
وبصورة أعم، ستضع الحكومة إستراتيجية وطنية لدمج هذه الفئة الكريمة من المواطنين بصورة مستدامة في جميع قطاعات الحياة النشطة.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
لقد كان لجائحة كوفيد 19 في موريتانيا، كما في جميع أنحاء العالم، انعكاسات سلبية على حيوية الاقتصاد الوطني. حيث يتوقع أن ينخفض نمو الناتج الداخلي الخام بنسبة 3,2% بدلا من أن يرتفع بنسبة 6,3% كما كان متوقعا قبل الجائحة، في حين يتوقع أن يرتفع التضخم بنسبة 3,9%.
كما تدهور رصيد الميزانية، فانخفض من 0,3% إلى – 5%من الناتج الداخلي الخام، وذلك نتيجة لارتفاع النفقات لتمويل إجراءات التصدي الصحي والاقتصادي والاجتماعي للأزمة الصحية، من جهة، ولانخفاض الإيرادات جراء تباطؤ النشاطات الاقتصادية والإعفاءات الضريبية التي أملتها، من جهة أخرى.
ولمواجهة هذه الجائحة نفذت الحكومة خطة وطنية متعددة القطاعات بتمويل بلغ 13 مليار أوقية مكنت، إلى حد كبير، من تخفيف انعكاساتها على المواطنين والفاعلين الاقتصاديين مع المساهمة في تهيئة الظروف للانتعاش الاقتصادي.
ومن أجل تكييف الاقتصاد مع وضعية ما بعد الجائحة، أعلن فخامة رئيس الجمهورية الأربعاء الماضي في خطاب موجه إلى الأمة إطلاق خطة اقتصادية متكاملةيربو غلافها المالي الإجمالي على 240 مليار أوقية قديمة من الموارد الذاتية للدولة. وستشرع الحكومة فورا في تنفيذ هذه الخطة.
وتستند هذه الخطة إلى تحويل هيكلي للاقتصاد يهدف إلى توفير شروط تحقيق انتعاش اقتصادي أكثر قوة، وفق مقاربة مستدامة، شاملة ومبتكرة، تركز بوجه خاص علىمضاعفة دور القطاع الخاص كمحرك للنمو، وتثمين أفضل لمقدراتنا من الموارد الطبيعية، ولاسيما في مجالات الصيد البحري والزراعة والتنمية الحيوانية وتجدد الغطاء النباتي والغابات.
ومن هذا المنطلق ستساهم هذه الخطة في تقليص اعتمادنا على العالم الخارجي، وفي تحسين قابلية تشغيل مواردنا البشرية، فضلاً عن تعزيز إنتاجية وتنافسية الاقتصاد.
كما أنها تسعى لإطلاق سياسة داعمة للطلب، وذلك بوجه خاص من خلال توسيع البرامج الموجهة لدعم الأسر والفاعلين الاقتصاديين.
إن الأمر يتعلق بأكبر خطة استثمارية في تاريخ البلاد، من حيث مواردها ومن حيث شمولها، حيث أنها ستخصص 24,16 مليار أوقية على فترة 30 شهرًا، للمجالات ذات الأولوية، وهي:
- تطوير البنية التحتية الداعمة النمو؛
- تحسين العرض الاجتماعي ودعم الطلب؛
- تثمين مقدرات القطاعات الإنتاجية وتسريع تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء ؛
- دعم القطاع الخاص المصنف وغير المصنف؛
- وأخيرا البيئة وإعادة التشجير وخلق فرص عمل خضراء.
وبالتوازي مع ذلك، سيتم تنفيذ إصلاحات أخرى واتخاذ تدابير مصاحبة بغية تحفيز ومواكبة الانتعاش الاقتصادي.
وستتمحور هذه الإصلاحات والأنشطة التي تقوم عليها، حول آليات أكثر تفصيلا تمكن من العودة في أقرب وقت ممكن إلى نمو مستدام وشامل وصديق للبيئة، وتسمح باستعادة التوازن الاقتصادي الكلي في مجمله.
ويتوقع أن تسفر هذه الخطة عن خلق ما يناهز 52.000 فرصة عمل وربح العديد من نقاط النمو طوال الثلاثين شهرًا التي سيستغرقها تنفيذها، محققة الانتقال من -3,2% في 2020 إلى +4,2 نهاية 2022.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
ستتم مراجعة الإستراتيجية الوطنية للنمو المتسارع والرفاه المشترك 2016 -2025 ويتواصل تنفيذها سبيلا لتحقيق أهدافها الرئيسة المتمثلة في وضع اقتصاد البلاد على طريق نمو أكثر قوة وشمولا واستدامة، وتنمية رأس المال البشري وترقية النفاذ إلى الخدمات الاجتماعية والأخذ بالحكامة الرشيدة بمختلف أبعادها، مع السعي للحد من مختلف أشكال التفاوت والعمل على توفير حماية أفضل للفئات الضعيفة.
وفي هذا الإطار، سيتم إعداد خطة العمل الثانية للاستراتيجية الوطنية للنمو المتسارع والرفاه المشترك التي تغطي الفترة 2021-2025 وتنزيلها على الصعيد الجهوي، سبيلا لتسريع وتيرة إنجاز تعهدات رئيس الجمهورية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.كما سيتواصل إعداد وتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية الأخرى، مثل استراتيجية السكان واستراتيجية الحماية الاجتماعية واستراتيجية الإحصاء.
ومن جهة أخرى، سيتم التركيز على تعبئة مزيد من الموارد الخارجية مع السهر على تحسين نجاعة الاستثمارات العمومية وتوخي مزيد من الانسجام في إعداد برنامج الاستثمار العمومي ومواصلة انتهاج سياسة استدانة حذرة من شأنها تحسين قدرة البلاد على التسديدوالوفاء بالتزاماتها تجاه دائنيها. وستعطى الأولوية للشراكة بين القطاعين العام والخاص في تمويل البنى التحتية الداعمة للنمو، مع أخذ الاحتياطات الضرورية لتفادي المخاطر المرتبطة بذلك.
وستستمر توجهات السياسة الاقتصادية في إعطاء دور محوري للقطاع الخاص باعتباره محركا للنمو وخالقا للثروات وفرص العمل. ولهذا الغرض، سيتم تعميق أطر التشاور والشراكة بين القطاعين العام والخاص مع تسهيل نفاذ المقاولين الخواص إلى التمويل وتشجيع المقاولة وتحسين مناخ الأعمال.
ولجعل الاقتصاد أكثر جاذبية للاستثمارات، سيتم اتخاذ إجراءات لدعم التنافسية، خاصة في القطاعات الإنتاجية.
وستواصل الحكومة تشجيع النشاطات التنموية في فضاء منطقة الساحل. وفي هذا الصدد، فإن بلادنا التي ترأس مجموعة دول الساحل الخمس، ستركز جهودها على متابعة تعبئة التمويلات الضرورية لتنفيذ برنامج الاستثمارات الأولوية للمجموعة.
وسيعززتعاوننا مع كل من وكالات الأمم المتحدة وشركائنا الآخرين في التنمية والمنظمات غير الحكومية الدولية الشريكة. ويترجم هذا التوجه الانطلاقة الجديدة للتعاون بين الحكومة وبين مختلف شركائها لمواجهة الرهانات الإنسانية والتنموية في بلادنا.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
على صعيد التشغيل، تنوي الحكومة التركيز على تسريع عملية تحسين قابلية تشغيل الشباب، وذلك من خلال:
- توسيع مشروع ” مشروعي- مستقبلي ” وتسريع وتيرته عبر التكفل بـ 500 صاحب مشروع جديد ودعم تفعيل برنامج ” مهنتي “؛
- تسريع خطط فرص العمل القطاعية من أجل استغلال مقدرات قطاعات الصيد والزراعة والتنمية الحيوانية، من جهة، وتنفيذ الاتفاقية مع أرباب العمل الموريتانيين بشأن إنشاء 6.000 فرصة عمل، من جهة أخرى؛
- تسريع ” مرتنة ” اليد العاملة في قطاعات الاقتصاد الرئيسة من خلال الإصلاح الشامل لشروط منح رخصة العمل؛
- إصلاح وكالة تشغيل الشباب وفتح شبابيك تشغيل في جميع الولايات لتقريب خدمات التشغيل من المرتفقين.
إن هدفنا هو جعل التشغيل أولوية وطنية متقاسمة؛ لأن التشغيل يظل أفضل تأمين ضد الفقر والهشاشة. ولذلك ستحظى مكافحة البطالة بضافي عنايتنا. ولا شك أن الورشات المفتوحة ستخلق بالضرورة فرص عمل. لكن هذه الفرص لن تكون كافية لامتصاص جميع العاطلين لذلك يتعين القيام على نطاق أوسع ” بالاستثمار في التشغيل”، إلى جانب الاستثمارات العمومية في البنى التحتية وسياسة التحويلات المالية الحالية. ولهذا الغرض، فمن المقرر استهداف وتنمية نشاطات خلاقة لفرص العمل عن قرب مثل تلك المتعلقة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني التي ما تزال مقدراتها في مجال خلق فرص العمل معطلة في بلادنا. وفي هذا الإطار، ستقوم الحكومة عما قريب باتخاذ الإجراءات الضرورية لوضع إستراتيجية وطنية لترقية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني الذي يمثل حاليا طريقة ثالثة لخلق فرص العمل يمكن استخدامها لمؤازرة جهود الوظيفة العمومية والقطاع الخاص في مجال امتصاص عرض اليد العاملة الفعلي والممكن.
وفي مجال التشغيل دائما، فإن وضعية الاقتصاد غير المصنف، الذي نعرف وزنه الاقتصادي والاجتماعي في بلادنا، تحتاج هي الأخرى إلى إعادة نظر سريعة، على شاكلة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. ولهذا الغرض، ستتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة لضمان الانتقال من الاقتصاد غير المصنف إلى الاقتصاد المنظم. وفي هذا الإطار، ستتم كذلك دراسة سبل تعميم التأمين الصحي ليشمل الفاعلين في الاقتصاد غير المصنف كما حصل في بعض بلدان شبه المنطقة.
وبالإضافة إلى ذلك، سيتم الشروع عما قريب في إعادة هيكلة الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب، وإعادة صياغة مهمة الوساطة المنوطة بها لتتمكن من معالجة إشكالية الخريجين العاطلين عن العمل عموما وتلبي بشكل أفضل احتياجات الخريجين الشباب الباحثين عن التشغيل.
كما سيتم تعميم شبابيك التشغيل على كل الولايات، حيث ستستضيفها فضاءات الشباب التي ستحل محل دور الشباب.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
لقد أظهرت انعكاسات الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد 19 ضرورة التزود بأدوات عصرية، شفافة وفعالة لتسيير المالية العامة.
ومن وراء التنفيذ الفعلي لأحكام القانون النظامي المتعلق بقوانين المالية، تطمح الحكومة إلى تحقيق ذلك عبر تحسين تقييم الاحتياجات المالية وتصنيفها بحسب الأولويات وتحميل المسيرين المسؤولية، إضافة إلى فرض السعي من أجل جودة الأداء ومسك محاسبة عامة مبنية على الحقوق والالتزامات.
ولهذا الغرض، سيقوم النهج المزمعاتباعهعلى محاور بنيوية أهمها العمل على نجاعة تسيير المالية العامة وتأويج المردودية والنجاعة في تعبئة إيرادات الدولة وتوخي العدالة الاجتماعية والمقبولية الجبائية لضمان الإنصاف وإرساء الثقة بين المكلفين وبين الإدارة الضريبية.
وفي ميدان عقلنة تخصيص الميزانية وتحسين جودة الإنفاق، ستسهر الحكومة على نجاعة النفقات العمومية وعلى ضمان مساهمتها في تحقيق أهداف السياسات العمومية المعتمدة.
وبخصوص تسيير الإدارة وعلاقاتها مع الجمهور، ستتواصل وتتعزز الإجراءات الرامية إلى جعل المرتفق في قلب العمل الحكومي وذلك من خلال نشر منظومة الكترونية متعددة المنافذ تسمح بإجراء المعاملات عن بعد.
كما سيتم استكمال دمج نظم المعلومات وتسيير المالية العامة، من أجل ضمان حسن تنفيذ العمليات والشفافية المالية وقابلية تتبع المعاملات.
وبخصوص تعزيز مهام التفتيش المالي، ستتواصل النشاطات الرامية إلى تمهين أعمال ومهام المفتشية العامة للمالية، إضافة إلى عمليات التفتيش والتدقيق على مستوى المديريات.
ولضمان جودة النفقات العمومية بصورة أفضل، ستتم مراجعة النصوص التطبيقية لمدونة الصفقات العمومية لإدخال مزيد من الشفافية في طلبيات الدولة والمؤسسات التابعة لها وبما يمكن من التنفيذ الكامل لتوصيات اللجنة البرلمانية في هذا المجال.
وأخيرا، ستتم هيكلة منظومة التحكم في المخاطر المحاسبية بصورة أفضل وتدمج في التسيير اليومي من أجل ضمان نجاعتها.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
في مجال الصيد والاقتصاد البحري، ستعكف الحكومة خلال السنوات المقبلة على تحقيق الأهداف الإستراتيجية للقطاع المتمثلة في استدامة الموارد البحرية وبيئتها، ودمج القطاع في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى تنمية البنى التحتية الأساسية وخلق فرص العمل.
وفي هذا الصدد، ستوجه جهود كبيرةلتحسين حكامة الصيد البحري وتعزيز القدرات المؤسسية والتسيير الجيد لقدرات الاصطياد وتحسين وتيرة نمو القطاع وإرسائه في النسيج الاقتصادي للبلد من أجل خلق مزيد من القيمة المضافة وفرص العمل.
ولهذا الغرض، ستسعى الحكومة في المدى القصير والمتوسط للقيام بما يلي:
- إدخال المنافسة في عملية منح رخص الصيد وحصصه؛
- تشجيع زيادة قدرات التخزين من أجل التمكن من تفريغ جل الكميات المصطادة في موانئنا؛
- إنشاء صندوق لتمويل الصيد التقليدي؛
- تشجيع تحويل المنتجات وخلق القيمة المضافة وتشغيل الشباب؛
- سن نظام تعرفة خاص ومحفز على مستوى الموانئ، لاسيما على مستوى مينائي تانيت وانجاكو؛
- إصلاح الشركة الموريتانية لتسويق الأسماك لتمكينها من الاضطلاع بمهمة التنظيم الفعال للسوق.
وعلى مستوى البني التحتية سيتم:
- بناء مجمع في انواذيبو يضم مقري المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد وخفر السواحل الموريتانية، إضافة إلى رصيف لرسو بواخر خفر السواحل الموريتانية؛
- بناء مقر المكتب الوطني للتفتيش الصحي لمنتجات الصيد التقليدي بانواذيبو وتجهيز مختبراته؛
- تشييد مزيد من منصات توزيع السمك؛
- استصلاح الأقطاب التنموية في الكلم144 والكلم93 والكلم28 من خلال تشييد شبكات الطرق والمياه والكهرباء؛
- تشييد ميناء الصيد والمجمع الصناعي للقطب التنموي الكلم 28؛
- استكمال الأشغال في ميناء انجاكو وتشغيله؛
- إنجاز أربع نقاط تفريغ مستصلحة على شواطئ محيجرات، توليت، الكلم 93 والكلم144؛
- إنجاز توسعة شركة بناء السفن الموريتانية في المنطقة الجنوبية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
لتسريع وتيرة تثمين مقدراتنا وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ستعمل الحكومة خلال السنوات المقبلة على تحقيق نمو مستدام للإنتاجية والإنتاج الزراعي الرعوي.
ولهذا الغرض، ستعطي الأولوية لتطوير منظومات الإنتاج الزراعي الرعوي وعصرنتها ودمجها. وستشجع التنويع الزراعي الرعوي من خلال تنمية شعب زراعة الخضروات والقمح والكلأ والزراعات المطرية، فضلا عن شعب اللحوم الحمراء والدواجن والألبان.
وسيتم تسريع وتيرة تشييد السدود وإنجاز البنى التحتية والاستصلاحات المائية الرعوية من أجل تحقيق الزيادة المرجوة للإنتاج.
كما سيتم تنفيذ أنشطة مهمة في مجالات فك العزلة عن مناطق الإنتاج وتحويل المنتجات وحفظها.
ولتحقيق هذه الأهداف، ستقوم الحكومة، في مجال الزراعة المروية، باتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان زيادة مطردة للمساحات القابلة للاستغلال. كما ستعمل على توفير المياه طوال السنة عن طريق شق قنوات الري وتنظيف المحاور المائية، وعلى تأمين النفاذ إلى المدخلات الزراعية وتقديم الدعم لتوفير خدمات الحصاد ولأشغال صيانة التربة.
وستستفيد الزراعة المطرية، هي الأخرى، من استثمارات كبيرة في إطار برنامج طموح يستهدف بناء السدود ومنشآت التحكم في المياه السطحية في المناطق الزراعية الرعوية.
وفي نفس الوقت، سيتم تأمين المزروعات عن طريق توفير السياج والأسلاك الشائكة ومكافحة الآفات كالطيور والجراد، إضافة إلى توزيع بذور الحبوب التقليدية ومعدات الحرث.
ومن جهة أخرى، ستتم تنمية زراعة الخضروات وزراعة الواحات، إضافة إلى وضع آلية لتمويل القطاع الزراعي وحفز الاستثمار الخصوصي لاسيما في الصناعات الزراعية.
وسيتم السعي لدمج قطاع التنمية الحيوانية بصورة فعلية في الاقتصاد عبر تكثيف منظومات التربية وزيادة القيمة المضافة للشعب الواعدة المتمثلة في اللحوم الحمراء والدواجن والألبان والجلود.
وستحظى الصحة الحيوانية بعناية خاصة سواء من حيث برامج الوقاية والمراقبة الوبائية أو في مجال الصحة البيطرية العمومية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن البرنامج الرعوي الخاص 2020 المصمم لمساعدة المنمين على تحمل نتائج نقص الأمطار في السنة الماضية وتمكين الماشية من تجاوز فترة الصيف الموالية دون خسائر كبيرة، ما تزال تدخلاته جارية وسيتواصل في المناطق التي ما تزال بحاجة إلى ذلك، خاصة في شمال البلاد.
وستستفيد شعبة الألبان من إيجاد سلاسل القيم عبر إنشاء مزارع إنتاج الألبان وفق أسلوب التربية الكثيفة وتجهيز شبكات الجمع وإطلاق برنامج وطني لتحسين السلالات اللبونة وراثيا.
وأخيرا، ستصادق الحكومة على مشروعي القانون التوجيهي الزراعي الرعوي والقانون المتعلق بالرقابة الصحية على النباتات. كما سيتم إعداد خطط لتفعيل وإصلاح أجهزة المشورة والتكوين.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
في مجال التجارة، ستعمل الحكومة على تعزيز الإصلاحات المتخذة في سنة 2019 وتنويعها، خاصة في مجال حماية المستهلك وردع الغش. وهكذا، ستتم المصادقة على مشروع قانون حول المنافسة، فضلا عن اتخاذ النصوص التطبيقية لقانون حماية المستهلك الذي صدر مؤخرا، وإنشاء مركز وطني لرقابة جودة الأغذية. كما سيتم إنشاء سجل تجاري مركزي لترقية الشفافية في المقاولات، إضافة إلى تشجيع وضع منظومة فعالة التموين بالمواد الاستهلاكية الرئيسة.
ولا شك أن سياسة الاندماج الإقليمي التي تنتهجها بلادنا ينبغيأن تضمن الاستفادة أكثر من موقعنا الاستراتيجي كملتقى طرق بين مجموعتين اقتصاديتين هامتين هما اتحاد المغرب العربي والمنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. ومن أجل ذلك، سيتم تعزيز هذه السياسة عبر تنفيذ ومتابعة اتفاقية الشراكة مع المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا واتفاقية منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية. وبعد تطبيق التعرفة الخارجية المشتركة على مستوى المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، فإن تفعيل اتفاقيات الشراكة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي سيساهم في تحسين تنافسية مقاولاتنا وزيادة قدراتها التصديرية.
وفي مجال الصناعة، سيتم إعداد إستراتيجية مندمجة تعطي الأولوية للقطاعات التي تتمتع فيها بلادنا بميزات نسبية كالصيد البحري والتنمية الحيوانية والزراعة والطاقات المتجددة. ويتمثل الهدف المتوخى في تشجيع قيام صناعات تحويلية قادرة على ضمان تثمين أفضل لمقدراتنا الاقتصادية وعلى خلق قيمة مضافة محلية. وسيتم إنشاء منظومة قيادة لهذه الإستراتيجية مرتكزة على مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ومع ذلك، فإن هدفنا الاستراتيجي يبقى متمثلا قي تشجيع التصنيع المناسب لنا عبر نموذج يثمن مواردنا الطبيعية ويقلل من هشاشتنا وتبعيتنا للخارج في مجالات مثل الصحة والأمن الغذائي والبحث العلمي والتحول البيئي والثقافة والتقنيات الرقمية. لذلك يتعين أن تستهدف التسهيلات والحوافز التي تقدمها الدولة للقطاع الخاص وتشجع الوحدات الصناعية التي تلبي احتياجات المواطنين الحيوية الفعلية والممكنة وأن تقلص الاحتياجات في مجال تحويل العملات الصعبة إلى الخارج.
وستحظى السياحة من الحكومة بكامل العناية التي تستحقها في إطار جهودها لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. وستعطى الأولوية لتنويع العرض السياحي وترقيته على امتداد التراب الوطني عن طريق إقامة روابط تضافر بين مختلف المنتجات السياحية. وستعطى كذلك لتنمية البنى التحتية السياحية ولدعم المقاولات العاملة في القطاع خاصة من خلال إنشاء صندوق تمويل متخصص. وفي نفس الوقت، سيتم إنشاء مدرسة للتكوين في مجال المهن السياحية للمساهمة في تعزيز قدرات الفاعلين الخصوصيين.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
في مجال البيئة، تتعهد الحكومة بتحسين الأداء البيئي للسياسات العمومية لضمان استدامتها وتشجيع نمو اقتصادي يخفف إلى أقصى حد ممكن من الضغوط على المنظومات البيئية والموارد الطبيعية.ومن أجل ذلك، سيتم تعزيز الحكامة البيئية وإطارها القانوني والمعياري. كما يجري إعداد مشروع قانون لإنشاء شرطة بيئية.
وسترصد استثمارات أكبر للمحافظة على مواردنا الطبيعية وصيانتها وتسييرها بصورة مندمجة ومستدامة. وفي هذا الإطار، سيتم تسريع وتيرة تفعيل المبادرة الوطنية للسور الأخضر الكبير، إضافة إلى إطلاق برنامج وطني مندمج جديد لإعادة التشجير والتسيير المستدام للموارد الغابية يغطي الفترة(2021-2030) وإنشاء مركز وطني لإنتاج البذور الغابية.
وستولي الحكومة عناية خاصة كذلك لصيانة المناطق الرطبة القارية والبحرية والمحافظة عليها في إطار مقاربة مندمجة لتسيير الموارد الطبيعية تراعي التوفيق بين مصالح المجموعات الأهلية المحلية وحماية التنوع الحيوي.
ومن جهة أخرى، ستتواصل أشغال تأمين وتقوية الشريط الرملي الشاطئي وتعتمد توجيهات لاستصلاح منطقة الشاطئ ككل.
كما سيتم تأمين الوقاية من مخاطر التلوث البيئي من خلال تعزيز الإجراءات النظامية ووضع معايير وطنية ومواكبة الفاعلين في اتباع أساليب وممارسات أكثر نظافة. وفي هذا الإطار، سيتم عما قريب استكمال إعداد مشروعي قانونينأحدهما حول الأمن البيئي والآخر حول تسيير النفايات الصلبة، تمهيدا للمصادقة عليهما وعرضهما على جمعيتكم الموقرة
وستدعم الحكومة وتواكب المقاولات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة التي تستثمر في تكنولوجيات وطرائق وشعب أكثر نظافة ومحافظة على البيئة.
وأخيرا، ستتم ترقية التهذيب في مجال البيئة والتنمية المستدامة، من أجل مواكبة السياسات العمومية وتغيير العقليات لصالح التحول البيئي.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
ستمضي الحكومة في تنفيذ برنامج طموح للبنى التحتية الداعمة للنمو يستهدف تشييد البنى التحتية المهيكلة وصيانتها وعصرنتها وتأهيلها سبيلا للحد من المعوقات التي تعترض سبيل الاستغلال الأمثل لمقدرات النمو الاقتصادي لبلادنا.
ولهذا الغرض، خصصت خطة الانتعاشالاقتصادي غلافا ماليا معتبرا لتنمية البنى التحتية الداعمة للنمو وخاصة من أجل تحسين تنافسية الاقتصاد وخفض تكاليف عوامل الإنتاج ودعم الانسيابية الحضرية.
وبخصوص النقل، ستنفذ الحكومة الإصلاحات والنشاطات الضرورية لضمان إعادة تنظيم القطاع وتشييد بنى تحتية عصرية وتنمية شبكة الطرق وتعزيز البنى التحتية للنقل الجوي وزيادة قدرات موانئنا، إضافة إلى تنظيم النقل البري واستحداث التخصص فيه وبناء وتأهيل الطرق وتحسين السلامة المرورية.
وهكذا، ستقوم الحكومة بالإصلاح القانوني والمؤسسي لإطار النقل العام وذلك بفضل تفعيل منظومة المتابعة المحددة جغرافيا للمشاريع، فضلا عن إصلاح تسيير رخص السياقة وآليات منحها وإصدار النصوص المتضمنة تصنيف شبكة الطرق الوطنية.
كما ستواصل برامج بناء الطرق وتطلق مشاريع جديدة خاصة المقطع رقم 3 من طريق انواكشوط – بوتيلميت وطريق تجكجة- بومديد- كنكوصة – سيلبابي – غابو وطريق آشميم- نبيكة الاحواش.
وستعكف على حل إشكالية الحركية الحضرية في انواكشوط وغيرها من المدن الكبيرة من خلال مواصلة دراسة انسيابية حركة المرور وإطلاق برنامج طموح لتشييد 10 جسور أو ممرات مدرجة وطريق دائري بطول 65 كلم و4 محطات طرق كبرى في ضاحية مدينة انواكشوط.
ولتحسين السلامة الطرقية، سيتم القيام بإحصاء شامل للمقاطع المتدهورة من شبكة الطرق الوطنية وإطلاق برنامج تأهيل واسع النطاق، وذلك في إطار برنامج الإنتعاش الاقتصادي. كما سيتم إنشاء جهاز مختص في صيانة الطرق. وبالإضافة إلى ذلك، سيتواصل تنفيذ البرنامج التعاقدي لصيانة الطرق مع الاحتفاظ بترتيبات السلامة المطبقة على طريق انواكشوط- الاك وتعميم تحديد السرعة القصوى قيد التجريب حاليا.
ومن جهة أخرى، سيتم القيام بنشاطات مهمة لتنمية الشبكات المشجعة للمبادلات الإقليمية وشبه الإقليمية.
وفي مجال النقل الجوي، ستقدم الحكومة الدعم القوي والحازم لتعزيز السلامة والأمن في منصاتنا الجوية وتتخذ الإجراءات الضرورية لتوسيع نطاق الخدمة الداخلية عن طريق استحداث مزيد من الرحلات صوب بعض عواصمنا الجهوية وذلك بأسعار في متناول مواطنينا. كما ستشجع تنمية الشبكة الجهوية والدولية لشركة طيراننا الوطنية.
وسيتم استئناف نشاطات قطاع الطيران المدني في سياق كوفيد 19 طبقا لخطة إستراتيجية معدة لهذا الغرض بناءً على توجيهات المنظمات الدولية المختصة. وتقوم هذه الخطة على مبدأ تسيير المخاطر وتستهدف ملاءمة كافة إجراءات مكافحة انتشار الجائحة عن طريق النقل الجوي وضمان استمرارية العمليات الجوية بكل سلامة وأمان.
كما سيتم بشكل معتبر تحسين الظروف البحرية للولوج إلى ميناء الصداقة وكذا الخدمات المقدمة للسفن من خلال تنفيذ أشغال التجريف في الجانب الجنوبي من الرصيف الموسع، وتطوير القناة وتحديث أسطولها من القاطرات وقوارب نقل ضباط توجيه ربابنةالسفن ومساعدتهم على الرسو الآمن.
وبخصوص قطاع العمران، يتمثل هدف الحكومة في تزويد مدننا، بما فيها المدن الداخلية، بأطر عمرانية مناسبة وبنى تحتية ملائمة لزيادة جاذبيتها،إضافة إلى البحث عن وجوه التضافر الممكنة وحفز دينامية تنموية جديدة.
وسيراعي هذا البرنامج الفاعلين الجدد الممثلين في الجهات ويدمج أبعادا جديدة كالصرف الصحي وتسيير النفايات الجافة والسائلة واستصلاح الطرق الحضرية وتبليطها فضلا عن استصلاح الساحات العمومية والمنتزهات الترفيهية.
وفي هذا الإطار، سيتم في المدى القصير إعداد واعتماد كل من النظام العام المبسط للعمران والإستراتيجية الوطنية للسكن والنصوص التنظيمية المتعلقة بالترقية العقارية والأنظمة الأساسية للوكلاء العقاريين والفاعلين والوسطاء في المجال العقاري. ويصدق نفس الشيء على المشاريع الأولوية المنبثقة عن المخطط التوجيهي للاستصلاح الحضري لمدينة انواكشوط الذي يمثل وثيقة توجيهية تمكن الرقابة الحضرية من الاضطلاع الكامل بدورها.
وستكون إعادة هيكلة الأحياء الهشة المنتظر استكمالها مناسبة لإطلاق الإصلاحات المتعلقة بإعادة التموقع المؤسسي لوكالة التنمية الحضرية التي أصبحت تتولىوظائف العمران الميدانية على امتداد التراب الوطني وتشكل، في نفس الوقت، جهازا فنيا للتنفيذ وتقديم الدعم والمشورة لصالح الجماعات الترابية.
وسيمكن إكمال مشروع بناء المساكن الاجتماعية باستخدام المواد المحلية، قيد الإنجاز، من مراكمة خبرة مفيدة ستبنى عليها مشاريع أكثر طموحا خاصة في إطار برنامج تجميع القرى وإنشاء مدن جديدة وإنجاز أشغال استصلاح الطرق الحضرية والساحات العمومية في مدننا الرئيسة.
ومن جهة أخرى، سيتم إصدار النصوص التطبيقية للقانون التوجيهي للاستصلاح الترابي بغية تحديد أدواته ووسائل عمله، وخاصة منها المخطط الوطني للاستصلاح الترابي ومشتقاته الجهوية، وذلك من أجل الاستفادة القصوى من المقدرات التي تزخر بها مختلف جهات الوطن ومن البنى التحتية المهيكلة القائمة.
ولتنفيذ هذه السياسة، ستولي الحكومة العناية اللازمة لوضع الخرائط بوصفها أداة لا غنى عنها لاستصلاح المجال وتخطيط التنمية الحضرية. وفي هذا الإطار، سيتم وضع وتنفيذ استراتيجية وطنية للخرائط والطبوغرافيا.
وستولي كذلك عناية خاصة لتقويم قطاع البناء والأشغال العامة وإصلاح بيئته العامة. ولهذا الغرض، سيتم إعداد وتنفيذ الإصلاحات المتعلقة بالنظام العام للبناء ولتأهيل الفاعلين في المجال وتصنيفهم طبقا لقواعد الصنعة وللمعايير المرعية. وبصورة عامة، فستتخذ الحكومة كافة التدابير اللازمة لتذليل العقبات التي تقف حجر عثرة في وجه قطاع البناء والأشغال العامة وتحول دون تمهينه.
وبموازاة هذه الإصلاحات، سيتم تعزيز العرض الوطني في مجال المباني والبنى التحتية والتجهيزات العمومية. وهكذا، سيتواصل البرنامج الطموح الجاري العمل فيه ويوسع لتشييد وتأهيل المباني الإدارية والبنى التحتية الصحية والدينية والثقافية والتعليمية والشبابية حتى تحصل جميع مؤسساتنا وإداراتنا على مقرات وتجهيزات مناسبة.
وفي هذا الإطار، سيتم عما قريب استكمال أشغال بناء مقر جمعيتكم الموقرة بعد إكمال أشغال مقر المجلس الدستوري الذي دشنه فخامة رئيس الجمهورية مؤخرا.
وتتويجا لهذه الجهود وضمانا لاستدامة الاستثمارات الكبيرة في هذا المجال، سيتم إنشاء جهاز متخصص لصيانة أملاكنا من المباني والمحافظة عليها.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
لقد حدد برنامج رئيس الجمهورية ” تعهداتي ” أهدافا في مجال الماء الشروب من بينها على وجه الخصوص تزويد معظم البلدات الريفية بالخدمة في أفق 2025 وتوسيع شبكة الشركة الوطنية للماء حتى تشمل جميع أحياء انواكشوط.
ولبلوغ هذه الأهداف، ستواصل الحكومة تنفيذ المشاريع الحالية وتطلق عدة مشاريع جديدة:
- مراحل مشروع الظهر المتعلقة بتزويد عدة بلدات في الحوضين تقع على محوري تمبدغة- عوينات الزبل- العيون وتمبدغة- جكني، إضافة إلى مدينة ولاته ومنطقة بوكادوم وبيرفات وبوصطة والمبروك؛
- مشروع تزويد 12 بلدة في كيديماغا والعصابة بالماء الشروب انطلاقا من النهر؛
- انطلاق المشروع القطاعي للمياه والصرف الصحي الذي سيستفيد منه 473.000 نسمة في ولايات الحوضين والعصابة وكيديماغا وكوركول؛
- إطلاق مشروع جديد لتعزيز تزويد مدينة انواذيبو انطلاقا من بولنوار؛
- إطلاق مشروع جديد يستهدف تأمين منشآت آفطوط الساحلي وتوسيعها وصيانة منظومة تزويد انواكشوط بالمياه انطلاقا من إديني.
وستعكف الحكومة كذلك على تنفيذ إصلاح مؤسسي يرمي إلى تحسين أداء الشركة الوطنية للماء والمكتب الوطني للخدمات المائية في الوسط الريفي وإعادة تنظيم المصالح الجهوية للمياه والصرف الصحي لضمان عرض خدمي أفضل على المستوى اللامركزي الأدنى بغية التصدي الفوري للمشاكل المطروحة وتأمين استمرارية خدمات المرفق العمومي.
وفي مجال الصرف الصحي، سنقوم بتنفيذ الإجراءات الضرورية لضمان توفير خدمة الصرف الصحي في مدينة انواكشوط وفي سائر المراكز الحضرية الرئيسة، وخاصة فيما يتعلق بتصريف مياه الأمطار.
وهكذا، سيتم تنفيذ المشاريع الجارية وخاصة الأشغال المتعلقة بتوسيع شبكة العاصمة لتصريف مياه الأمطار وربط برك المياه الراكدة بها، كما سيتم اقتناء التجهيزات والمعدات اللازمة لهذا الغرض.
وتضطلع قطاعات المحروقات والمعادن والكهرباء بدور هام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، نظرا لمقدرات النمو الكبرى التي تزخر بها وللمكانة التي تحظى بها في برنامج رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
وهكذا، فإن أهداف الحكومة في مجال استغلال الغاز والنفط والمعادن تتمثل في تأويج الانعكاسات الايجابية لهذه النشاطات على الاقتصاد الوطني ودمج القطاعات نفسها في النسيج الاقتصادي وتعزيز المحتوى المحلي عبر إشراك الفاعلين ومقدمي الخدمات الموريتانيين بصورة أكبر في سلاسل قيم نشاطات الاستغلال، إضافة إلى مزيد من تقوية جاذبية موريتانيا المشهودة بوصفها وجهة مفضلة للاستثمارات في المجالات المذكورة.
ولهذا الغرض، سيتم إنشاء منطقة صناعية خاصة بالنشاطات النفطية والغازية وإطلاق دراسة لإعداد استراتيجية شاملة لتنمية المحتوى المحلي في الصناعات الاستخراجية.
ومن جهة أخرى، ستشجع الحكومة تفعيل المكونة الخاصة بإنتاج الكهرباء من الغاز عبر تزويد المحطة الثنائية الحالية بالغاز وبناء قدرات إنتاجية جديدة.
وستعمل الحكومة على تأمين تزويد البلاد بالمواد النفطية السائلة والغازية. ومن أجل ذلك، ستقوم بجهود كبيرة تستهدف تأهيل قدرات التخزين في انواكشوط وانواذيبو وتوسيعها ومطابقتها مع المعايير وإنشاء مستودعات في الداخل، مع التأهيل التدريجي لخطوط تفريغ المحروقات على مستوى المستودع المركزي للشركة الموريتانية للمحروقات والأملاك المعدنية واستكمال مراجعة الإطار القانوني.
وفي ميدان الكهربة، تتوخى الحكومة الوصول في أفق 2024 إلى التغطية الشاملة في الوسط الحضري ومضاعفة معدلات التغطية الحالية على الأقل في الوسط الريفي.
ولتحقيق هذا الهدف، سيتم تسريع وتيرة تنفيذ استراتيجية ربط مناطق الإنتاج بالشبكة الكهربائية عبر إنشاء منظومة عصرية لتوزيع الكهرباء ونقلها إلى مراكز الاستهلاك الرئيسة وإلى الدول المجاورة.
وفي هذا الإطار، سيتواصل تنفيذ المشاريع الحالية وتطلق مشاريع جديدة بعضها دخل طور الإعداد فعلا. ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالمشاريع التالية:
- بناء ثلاثةمن خطوط الجهد العالي لربط انواكشوط بكل من انواذيبو والزويرات والحدود مع السنغال؛
- كهربة آفطوط الشرقي الذي يضم خط جهد عال يربط بين سيلبابي وامبود و270 كلم من خطوط 33 كليوفولتتستفيد منه 35 بلدة وأكثر من 100.000 نسمة؛
- بناءالمحطات الهجينة الحرارية/ الهوائية في أربع بلدات يقطنها الصيادون على الشاطئ الشمالي؛
- تعزيز الاستثمارات الإنتاجية والطاقية من أجل التنمية المستدامة للمناطق الريفية الذي ينتظر أن يتيح نفاذ 360.000 نسمة من سكان القرى المعزولة في ولايات الحوضين والعصابة إلى الكهرباء.
وستنصب جهود الحكومة كذلك على زيادة العرض وتحسين النفاذ إلى الكهرباء لاسيما في الوسط الريفي، مع خفض التكاليف وتنويع الخليط الطاقوي بحيث تصل نسبة الطاقات المتجددة إلى 60% من إجمالي الإنتاج.
ومن جهة أخرى، سيتم استكمال إعادة هيكلة قطاع الكهرباء بتقويم قدراته وتعزيزها على جميع المستويات لتمكينه من أداء مهامه بصورة جيدة، وخاصة عن طريق إنشاء شركتين إحداهما للإنتاج والنقل والأخرى للتوزيع والتسويق. كما سيتم توضيح دور جهة التنظيم وتعميمه على كامل قطاع الكهرباء عبر مراجعة مدونة الكهرباء.
وفي مجال المعادن، سينصب عمل الحكومة على ترقية قطاع معدني مستدام، مسؤول اجتماعيا، حريص على سلامة البيئة، مدر للمداخيل وخلاق لفرص العمل. ولهذا الغرض، ستركز جهودنا على:
- تعزيز البنى التحتية الداعمة للقطاع المعدني من خلال إنجاز الخرائط الجيولوجية المفصلة وتحسين قاعدة البيانات الجيولوجية والمعدنية؛
- تحسين جاذبية القطاع المعدني وزيادة انعكاساته الاقتصادية الإيجابية عبر تحسين الإطار الجبائي والإستراتيجية المنجمية لجعلهما أكثر ملاءمة وفعالية وتناغما مع مبادئ الشفافية والحكامة الرشيدة؛
- ترقية تنويع الموارد المعدنية عبر تشجيع استغلال وتطوير مناجم المعادن الصناعية، من جهة، ومناجم المواد الإستراتيجية، من جهة أخرى؛
- حفز الاستثمار الوطني في القطاع من خلال تأطير ومتابعة وتأمين وتشجيع مشاريع الاستغلال المنجمي الصغيرة ونشاطات التعدين التقليدي ، خاصة نشاطات استكشاف واستخراج الذهب، نظرا لمقدراتها الكبيرة في مجال خلق فرص العمل؛
- تعزيز التسيير الشفاف والمستدام للموارد المعدنية من خلال وضع الآلية الضرورية لضمان متابعة صارمة للجوانب الاقتصادية والبيئية لنشاطات الاستغلال؛
- تنمية الصناعات التحويلية الوطنية في القطاع المعدني.
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب
تشكل تنمية رأس المال البشري شرطا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. من هنا تنبع المكانة البارزة التي يحتلها إصلاح النظام التربوي في برنامج فخامة رئيس الجمهورية، والتي تعكسها الأولوية المطلقة التي توليها له الحكومة.
ويتعلق الأمر بتأسيس مدرسة جمهورية يتطلع فيها جميع الأطفال والشباب الموريتانيين إلى مثل أعلى وطني، وتوفر لهم فرصا متساوية لاكتساب المعارف والخبرات التي تؤهلهم للمساهمة الفاعلة في عملية البناء الوطني.
ولهذا الغرض، سيعاد الاعتبار للتربية المدنية لشبابنا. فنحن نعاني من أزمة قيم عصفت بتعلقنا التقليدي بالمعرفة والثقافة، مشجعة بذلك تضييق الخناق على عادتنا الحميدة وتدمير منظومتنا العرفية للتضامن الاجتماعي. ولقد آن الأوان لأن نهب هبة قوية تتضافر فيها جهود الجميع من أجل إحداث انبعاث حقيقي للمواطنة وخاصة لدى شبابنا.. فهذا الانبعاث ضروري لكفاحنا ضد الظلامية والتزمت كما أنه يشكل وسيلة ناجعة لنشر المعرفة وإرساء التفكير العقلاني الكفيل بحماية المجتمع الموريتاني من كل أنواع الانحرافات.
وفي هذا الإطار، يجب أن نكون قادرين على أن نؤمن لشبابنا تربية مدنية تعزز لديهم روح المواطنة وتسعى، من بين أمور أخرى، إلى ترسيخ قيم التعلق بالوطن وبالوحدة الوطنية والشعور المشترك بالانتماء لأمة واحدة ووحيدة. وعليه، فيجب، من الآن فصاعدا، إدماج التربية المدنية في مقرراتنا المدرسية العمومية والخصوصية.
وفي هذا السبيل، ستطلق الحكومة هذا العام “المدرسة الجمهورية تحت شعار” مشروع الجميع للجميع”.
وتعمل الحكومةعلى اتخاذ الإجراءات التي يتطلبها التحضير لدخول مدرسي جيد، نعطي من خلاله إشارة الانطلاقة الفعلية لهذه المدرسة الجمهورية. وسينصب لاحقا على اتخاذ تدابير من شأنها أن تمكن، على المدى القصير، من وضع المعالم التي تضمن عبورا مدروسا نحو مدرسة تحقق الارتقاء الاجتماعي وتشكل بوتقة للوحدة والتماسك الوطنيين.
ووعيا من الحكومة بأن الإصلاح يقوم أولاً وقبل كل شيء على تسيير فعال للموارد البشرية، فستركز جهودها على سد العجز الكمي والكيفي الذي أظهرته نتائج التدقيق المنجز مؤخرا حول أعضاء هيئتي التدريس والتأطير. وفضلا عن ذلك، سيتم اتخاذ إجراءات ترمي إلى تثمين مهنة التدريس وتشجيع جودة الأداء والابتكار في هذا المجال.
وستعطى عناية خاصة لتوفير الكتب المدرسية، بالكميات والنوعيات الكافية لتغطية كل المواد المقررة، وذلك على الخصوص من خلال دعم الطاقة الإنتاجية للمطبعة المدرسية والاستفادة عند الاقتضاء من عرض القطاع الخاص في مجال الطباعة.
وعلى صعيد الاحتياجات في البنى التحية الناشئة عن الإصلاح، سيتم تسريع وتيرة العمل في مشروع بناء الحجرات المدرسية التي يتطلبها استقبال 133.372 تلميذاً في السنة الأولى يمثلون جميع الأطفال في سن التمدرس، كما سيتم البحث عن حلول مؤقتة لتعويض التأخر الكبير المسجل في إنجاز الأشغال نتيجة لتوقف النشاطات إثر ظهور جائحة كوفيد 19.
وفضلا عن هذه الإجراءات، وفي انتظار وضع حلول عامة، فسيتم تركيز الوسائل والجهود على إنجاح مرحلة نموذجية تخدم التطبيق التدريجي للإصلاح.
وبالفعل، فإن المقاربة التي تتبناها الحكومة لإنجاح الإصلاح التربوي، ستقوم على نهج متدرج، متعدد الفاعلين،تتضافر فيه تعبئة الوسائل البيداغوجية واللوجستية، مع انخراط ومساهمة جميع الجهات المعنية، ألا وهي مصالح الدولة اللاممركزةوالمنتخبون المحلي