قديما قال ديكارت : ” ان الله لم يخلق العالم لكي يتركه دون مبالاة به ..بل خلقه و هو يواصل خلقه !”
في كل فترة تتدخل القدرة لكي تغير مسار العالم ..تحرك قطعة صغيرة فتحدث تغييرا كبيرا ! هكذا حدثت حروب و أوبئة و مصائب خلفت تغيرات كبيرة لم تكن كلها سلبية !
كان الجفاف الذي ضرب وطننا في منتصف السبعينيات سببا في انهيار التنمية الريفية و الزراعة الموسميةً و انهيار الاقتصاد التقليدي و نجم عن ذلك شعور متزايد بأهمية الدولة و الوظيفة كما بدأ التفكير في الزراعة المروية و تربية المواشي عن طريق العلف .
لكن نتج اعظم من ذلك فقد تهاوت منظومة الاستعباد بحيث اصبح “العبيد” عالة على “الاسياد” الذين لم يعودوا قادرين على مواصلة استغلالهم فلا عمل لديهم لشغلهم فيه و لا نفقة بأديهم تمكنهم من الاحتفاظ بهم بعد نفوق المواشي !و كأن الاقتصاد الريفي كان هو مسوغ الاستعباد ووسيلته او سببه و عندما انقضى السبب انهارت النتيجة.. !
كأن خالق هذا الكون ارسل الجفاف ليحرر العبيد بالقضاء على الرابط الاقتصادي المسوغ للاستعباد و يحررملاك العبيد من ربقة الاتكالية و الكسل و الركود !
“اذا أراد الله أمرا هيأ له الأسباب”
اليوم حلت بالعالم كارثة كورونا و سوف تكون نهاية عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية …و مابعد الجفاف و بداية عالم ما بعد كورونا .. سوف يفهم روساء العالم الثالث خصوصا كم هم مقصرون و متخاذلون في حق مواطنيهم .. وقف اصحاب السترات الصفر شهورا عدة مطالبين النظام الفرنسي ببعض الإصلاحات التي كانت ستكلف الحكومة الفرنسية اقل من ثلاثين مليار اورو ! فرفض ماكرون ان يسمع هذه الاصوات و هاهو اليوم يدفع ثلاث مائة مليار أورو مكرها من طرف فيروس صغير و ضعيف و لا صوت له ..
عندنا الفقراء يتجمهرون تحت الشمس للاستماع الى سياسي يطعمهم بالكلام و الأحلام يذكي لديهم كل النعرات و يدقدق مشاعرهم بذكر آلامهم و مآسيهم و يقسم عليهم الوعود.. و في النهاية هو وحده الرابح للكرسي و الألقاب و الراتب و الأبهة و الإشعاع .. جاءنا فيروس كورونا فقبلت الحكومة بإنفاق المليارات و قبل رجال المال بسط اليد و هاهم الفقراء سيحصلون على رواتب و مزايا ماكانت ستصل اليهم لولا هذا الفيروس – المقدس!
واهم من يعتقد ان العام بعد كورونا سوف يبقى هو هو ! بل سوف يولد عالم اخر و رجال اخرون و نظام عالمي جديد بكل المقاييس ا!
شرع الله الصوم لينتبه أغنيائنا عند الإحساس بألم الجوع الى فقرائنا ..فلم يحصل ذلك كما ينبغي و جاء فيروس كورونا ليفرض عليهم إعطاء المليارات
فهل سوف يكمل فيروس كورونا ما بدأه الجفاف ؟
و من سيستوعب الدرس جيدا ؟
حفظ الله موريتانيا
الأستاذ براهيم ول بلال ول رمظان
رئيس هيئة الساحل