عقب تسعة أشهر ونصف شهر من الاحتجاز في إيران، وصل الباحث الفرنسي رولان مارشال إلى باريس ظهر السبت، وقالت طهران إن باريس أطلقت في المقابل سراح مهندس إيراني تطالب الولايات المتحدة بترحيله إليها.
وقالت لجنة الدعم التي ساندته إبان احتجازه في بيان موجز “لقد عاد رولان”.
وقال شخص مقرب منه لوكالة فرانس برس “إنه موجود في مستشفى سان مانديه العسكري”.
واضاف “التحاليل جيدة”، في وقت كانت الحالة الصحية للباحث قد شكلت مصدر قلق كبير بعد انتشار فيروس كورونا المستجد في ايران. وتابع المصدر “إنه هزيل للغاية وتأثر بالتعذيب النفسي” خلال عمليات الاستجواب” ويحتاج إلى “راحة مطلقة”.
في الوقت نفسه، حض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “السلطات الإيرانية على إطلاق سراح مواطنتنا فاريبا عادلخاه فورا”. ولا تزال الباحثة الفرنسية الإيرانية مسجونة في إيران.
وأوقف مارشال في حزيران/يونيو مع شريكته عادلخاه، وهما باحثان في مركز الدراسات الدولية التابع لمعهد العلوم السياسية في باريس. ولم تتوقف فرنسا عن المطالبة بإطلاق سراحهما منذ ذلك الوقت.
وأعلنت طهران الجمعة تزامناً مع الاحتفال بالعام الفارسي الجديد، عن تبادل سجناء مع باريس، في حين أن الرئاسة الفرنسية لم تذكر مثل هذه العملية.
وقالت الجمهورية الإسلامية إن فرنسا أطلقت سراح المهندس الإيراني جلال روح الله نجاد الذي وافق القضاء الفرنسي على ترحيله إلى الولايات المتحدة، بدون أن تذكر اسم المواطن الفرنسي الذي أطلقت سراحه.
وبث التلفزيون الرسمي الإيراني مشاهد تظهر وصول روح الله نجاد ليل الجمعة السبت إلى طهران حيث استقبله أفراد من عائلته.
وقال نجاد في تصريح موجز بثّه التلفزيون الحكومي “الحمد لله انتهت تلك الأيام أخيرا”.
وفي حين بدا متأثرا ومبتهجا وفي صحة جيدة، أكد الرجل تعرضه لسوء معاملة خلال فترة احتجازه في فرنسا التي اعتبر أنها “تؤدي دور كلب الأميركيين، تهزّ ذيلها لهم”.
وطالبت الولايات المتحدة بترحيل جلال روح الله نجاد الذي تتهمه بمحاولة إدخال معدات تكنولوجية إلى إيران في انتهاك للعقوبات الأميركية على طهران.
– “إعادة فاريبا” –
وأوقف الحرس الثوري الإيراني الباحثة الإيرانية الفرنسية فاريبا عادلخاه (60 عاما)، المختصة في المذهب الشيعي، مع رفيقها المختص في الدراسات الافريقية رولان مارشال (64 عاما) الذي انضم إليها في إيران في زيارة خاصة، في 5 حزيران/يونيو 2019 في مطار طهران.
ووجهت للباحثين تهمة “التواطؤ للمساس بالأمن القومي” التي تراوح عقوبتها بين عامين وخمسة أعوام سجن. علاوة على ذلك، وجهت لعادلخاه تهمة “الدعاية ضد نظام”.
ونفى محاميهما سعيد دهقان لفرانس برس استفادة موكله من تخفيف العقوبة كما كانت السلطة القضائية الإيرانية ذكرت.
وقال “نتحدث عن تخفيف العقوبة حين تكون موجودة ويكون الحكم نهائيا (ولكن) موكلي لم يحاكم أصلاً”، مضيفاً أنّ عادلخاه كانت “سعيدة بالإفراج عن (رفيقها إذ كان إبقاؤه قيد الحجز) مصدر ضغط إضافي عليها”.
في باريس، تمسكت لجنة الدفاع عن الباحثين ببراءتهما، وطالبت بإطلاق سراحهما فورا، وقالت إنها تخشى على حياتهما بسبب وضعهما الصحي.
وقالت اللجنة “يجب مواصلة النضال لإعادة فاريبا بأسرع وقت”.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال الأستاذ في المعهد الأعلى للدراسات الدولية والتنمية وعضو لجنة الدعم جان فرنسوا بايار “نرحب بارتياح بوصول رولان مارشال إلى باريس بعد نحو تسعة أشهر من الاحتجاز التعسفي في ظروف قاسية”.
وتزايدت مخاوف اللجنة بسبب تسارع انتشار كوفيد-19 في إيران، إحدى أكثر الدول تضررا منه. وبلغت حصيلة الوفيات جرء الفيروس السبت في هذا البلد 1556 حالة.
من ناحية أخرى، تدهور الوضع الصحي لفاريبا عادلخاه بسبب تنفيذها إضرابا عن الطعام استمر 49 يوما. وأوضح دهقان أنّها “لا تزال تعاني من مرض كلوي ناجم عن الإضراب”.
وقال محامي رولان مارشال إن موكله تأثر “نفسيا وجسديا” نتيجة احتجازه في عزل شبه كامل.
ولم ترشح أي معلومات عن ظروف الإفراج عن الباحث الفرنسي. لكن اعتُبر الباحثان سلاح مقايضة محتملا لإطلاق سراح المهندس الإيراني المحتجز في فرنسا منذ شباط/فبراير 2019 جلال روح الله نجاد.
– عمليات تبادل –
خلال الأشهر الأخيرة، قامت إيران بمبادلات عدة لسجناء مع دول تحتجز مواطنين إيرانيين مدانين أو ينتظرون المحاكمة أو مهددين بالترحيل إلى الولايات المتحدة.
وأطلقت إيران أيضا سراح عدة سجناء معروفين، لمناسبة العام الفارسي الجديد، على خلفية تفشي فيروس كورونا المستجد الذي زاد من إنهاك البلاد المستنزفة أصلا بسبب العقوبات الأميركية.
في هذا الصدد، أطلق الخميس سراح مواطن أميركي محتجز منذ عام 2018 لـ”أسباب صحية”، ومنحت المواطنة البريطانية الايرانية نازانين زغاري-راتكليف، الموظفة في مؤسسة “تومسون رويترز”، إذناً موقتاً لمغادرة سجن طهران.
وتواجه علاقات فرنسا مع إيران تعقيدات بسبب أزمة البرنامج النووي. وبدأت طهران بالتخلي عن التزاماتها الواردة في الاتفاق الموقع عام 2015 والهادف لمنعها من تطوير قنبلة ذرية، وذلك عقب انسحاب الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق وإعادة فرضها عقوبات على طهران.
وتواصل باريس ولندن وبرلين مد اليد لإيران، في حين يتبنى الرئيس الأميركي دونالد ترامب استراتيجية ضغط “قصوى” على طهران.
وأرسلت الدول الأوروبية الثلاث تجهيزات حماية من كوفيد-19 إلى الجمهورية الإسلامية مطلع آذار/مارس في اشارة الى التضامن مع هذا البلد الذي يعصف به الوباء.
أ ف ب