في بقعة صغيرة من الأرض تُدعى غزة أصبح من المألوف أن تتحول لحظة الولادة من مناسبة فرح إلى لحظة رعب وتوجس.
هناك لم تعد صرخة المولود الجديد تعلن قدوم حياة بل باتت تنافس دويّ القذائف وتصارع لحظة موت يحدق بها من كل زاوية.
الاحتلال لا يقتل فقط من وُلدوا.. بل من لم يُولدوا بعد
في غزة، لم تعد الأم الحامل تفكر في اسم طفلها أو لونه المفضل بل في احتمالية أن يُقصف البيت قبل لحظة الولادة.
لا تدري هل ستلد في غرفة عمليات أم تحت الأنقاض ولا تدري إن كانت صرخات طفلها الأولى ستعلو أم ستُخنق برائحة البارود.
القصف لا يفرّق بين مدني ومقاتل ولا بين مستشفى وهدف عسكري. غرف الولادة تُهدم الحضانات تنفد من الأوكسجين والكهرباء تنقطع عن الأجنة التي لا حول لها ولا قوة.
الأطباء يعملون في ظروف كارثية في ظل نقص المعدات والإمدادات ومع ذلك يقاتلون من أجل الحياة.
رعب الولادة في زمن العدوان
في ظل العدوان الإسرائيلي تُولد الأمهات والخوف في قلبهنّ وتُولد الأجنة ولا أحد يضمن لهن الحياة. كم من طفلٍ وُلد يتيمًا وكم من أمٍ نزفت حتى الموت لأنها لم تجد مستشفى مفتوحًا أو طريقًا سالكًا للوصول إليه.
الحليب محاصر الأدوية مفقودة والحضانات تعمل بالحد الأدنى من الطاقة.
الاحتلال لا يكتفي بقصف البيوت بل يسرق لحظة الميلاد، يسلب من الأم حلم الرضاعة ويمنع على المولود حق الحياة.
رسالة غزة إلى العالم: الحياة أقوى من الموت
ورغم كل ذلك، غزة لا تستسلم تولد الحياة فيها عنادًا الأمهات تلدن رغم الغارات والأطفال يضحكون رغم الحصار الاحتلال لم يستطع ولن يستطيع أن يمنع غزة من الولادة من الحب من الصمود.
إن ما يحدث في غزة ليس مجرد انتهاك لحقوق الإنسان بل هو جريمة مستمرة ضد الحياة نفسها.
والعالم إن أراد أن يحمي الحياة فعليه أن يقف مع غزة لا بالصمت بل بالفعل.
فكل لحظة صمت هي شراكة في قصف مستشفى أو خنق مولود.
غزة لا تموت.. بل تُولد من جديد كل يوم في وجه الموت.
بقلم / سيدي عالي