شهدت ولاية كوركول خلال السنوات الأربع الماضية قفزة نوعية في عديد المجالات التي تلامس حياة المواطن، حيث بلغ الاستثمار العمومي في الولاية خلال الفترة من (2020 – 2023)، 11.638.048.033 أوقية جديدة، ما يمثل 8,75% من نسبة الاستثمار العمومي على المستوى الوطني.
وأوضح والي كوركل السيد احمدنا ولد سيد اب، في مقابلة مع مكتب الوكالة الموريتانية للأنباء في كوركل، أن الحكومة أنجزت خلال السنوات الأربع الماضية عددا من المشاريع التنموية لصالح سكان الولاية، البالغ عددهم 335917 نسمة حسب تعداد 2013.
وبين أنه في مجال التدخلات الاجتماعية، قامت الدولة بتوزيع كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساسية على مختلف بلديات الولاية، كما قامت المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء “تآزر” قامت، هي الأخرى، بتوزيع الكثير من المعونات النقدية وبطاقات التأمين الصحي لصالح الأسر المتعففة والفئات الهشة، وأطلقت ودشنت مشاريع لها تأثير مباشر على حياة المواطنين، شملت: المدارس، الإعداديات، السدود، الآبار الارتوازية، المراكز الصحية، ودعم التعاونيات والتجمعات القروية، بالإضافة إلى تمويل مشاريع مدرة للدخل كان لها الأثر الواضح على حياة السكان.
وأكد السيد الوالي أن البرامج والمشاريع التنموية التي أطلقتها الحكومة رفعت من المستوى المعيشي للأسر، إذ لم تشعر ساكنة الولاية بتداعيات جائحة كورونا التي ضربت البلاد في بداية المأمورية الحالية لفخامة رئيس الجمهورية، مضيفا أن هذه البرامج والتدخلات أعطت للمواطنين أملا كبيرا بتحسن ظروفهم المعيشية، وبأن الدولة قادرة على مؤازرتهم في الأوقات الصعبة.
وجدد الوالي التأكيد على أن المساعدات الاجتماعية التي تقدمها الدولة كان لها تأثير كبير على حياة المواطنين خلال السنوات المقبلة، حيث ستساهم في تغيير العقليات وخلق جو من التآزر والتآخي الإجتماعي بين مختلف مكونات وطبقات هذا المجتمع، وخلق انسجام ووحدة وطنية كانت لوقت قريب شبه مستحيلة.
وفي مجال المياه، أوضح السيد احمدنا ولد سيد اب أنه نظرا لقلة المياه الجوفية في الولاية، أطلقت الحكومة مشاريع كبيرة من قبيل مشروع آفطوط الشرقي الذي زادت قدرته الاستيعابية من 5000 متر مكعب إلى 15000 ألف متر مكعب يوميا بعد أن وضع فخامة رئيس الجمهورية حجر الأساس لتوسعته، مؤكدا أنه مع انتهاء الأشغال في هذا المشروع خلال مارس القادم ستنتهي مشكلة العطش نهائيا خاصة في المناطق القريبة من أنابيب المياه.
أما بخصوص المناطق البعيدة التي لا يمكنها الاستفادة من هذا المشروع – يضيف الوالي – فقد قامت الدولة عن طريق الشركة الوطنية للحفر بتدخلات كبيرة مكنت من توفير الماء في بلديات كانت تعاني من ندرته، وذلك بالتعاون مع بعض المنظمات غير الحكومية خاصة منظمة “العون المباشر” الكويتية التي قامت بحفر 11 بئرا ارتوازيا، الآن قيد الإنجاز.
وفي مجال الكهرباء، أشار الوالي أنه لم يكن أحد يتوقع أن مثلث الأمل والبلديات البعيدة منه يمكن أن تصل إليها الكهرباء عن طريق المحطة الموجودة في مقاطعة امبود، التي تم وضع حجر أساسها وتدشينها من طرف فخامة رئيس الجمهورية سنة 2020، وبدأ تشغيلها، مؤكدا أن الكثير من القرى والبلديات المعزولة أصبحت تتوفر على الكهرباء مثل عاصمة بلدية الحلة والقرى المجاورة لها وبلدية “آزكيلم” وبلدية “تك وبرة”، هذه المناطق كانت محرومة، ووجود الكهرباء فيها خلق فرص عمل جديدة لسكانها وأضاف نقلة نوعية في مجال الحياة الاقتصادية والاجتماعية لساكنتها.
وأوضح الوالي أن الدولة قامت بمجهود كبير في المجال العمراني وتخطيط المدن، حيث أنشأت تجمعات كبيرة سكنية مثل تجمع العطف الذي يعتبر منطقة رعوية بامتياز، ويضم حوالي 34 تجمعا قرويا وأصبح يتوفر على كافة مستلزمات الحياة من مدارس ومياه وصحة، بالإضافة إلى ست بنايات حكومية لسكن الموظفين المحولين إلى هذا التجمع ومسجد كبير يسع حوالي 2000 مصل ومحظرة مشيدة بمواصفات حديثة.
وقال إن هذا التجمع الذي يوجد على الطريق الرابط ما بين عاصمة الولاية كيهيدي ومقاطعة مقامة حقق حلما ظل صعب المنال لسكان هذ التجمع، واعتبره نموذجا يجب أن تحذو حذوه كافة الولايات الأخرى للمساعدة في القضاء على التقري الفوضوي الذي أنهك كاهل الدولة خلال العقود الماضية.
وأضاف أنه بعد تحويل مركز لكصيبة الإداري إلى مقاطعة قامت الدولة باتخاذ قرار في مجلس الوزراء يقضي بتخطيط هذه المدينة وتم تنفيذ هذا المخطط العمراني بالمواصفات الحديثة وبإشراف من وزارة الإسكان، مبرزا أن هذا المشروع يعتبر إنجازا كبيرا وقد منح فرصة للأسر الفقيرة للحصول على قطع أرضية مشرعة.
وفي المجال الثقافي، أكد الوالي أنه “تم اعتماد مدينة “جول” ذات أثر تاريخي، وبالتالي احتضنت مهرجانا ثقافيا كبيرا حضره فخامة رئيس الجمهورية، وتم نقل فعالياته على الهواء مباشرة، كما تم التمازج بين الثقافات الموريتانية في هذه المنطقة حيث حضر كل الموريتانيين إلى هذا المهرجان وتلاقحت فيه جميع الثقافات والعادات والتقاليد القديمة بهذا الوطن، وفي هذا الإطار تم اطلاق نداء جول التاريخي الذي يحمل شحنة كبيرة من الأمل للمواطنين كما تم التوقيع عليه من طرف أعلى سلطة في البلد، وهذا يعتبر انجازا هاما جدا لأن كل منطقة لها خصوصية وثقافة وعادات وتقاليد خاصة بها، ونرجو أن ينظم هذا المهرجان كل سنة لتوطيد تلك المفاهيم وترسيخها على مستوى منطقة الضفة”.
أما على مستوى التعليم فقد أوضح الوالي السيد احمدنا ولد سيد اب، أن جميع سكان الولاية يثمنون قرار فخامة رئيس الجمهورية بتطبيق المدرسة الجمهورية، لأن التعليم هو الوحيد الذين يمكن أن يضمن الاستمرار والتقدم، مبرزا أنه في العقود الماضية كان التعليم يفتقر إلى منهج ورؤية مستقبلية، وكانت من نتائجه إنشاء أجيال غير متفاهمة فيما بينها، لذا فإن تطبيق المدرسة الجمهورية سيخلق جيلا منسجما متفاهما ومتجانسا والأمل الوحيد عند المواطنين هو نجاح هذه المدرسة، وفعلا بدأت تعطي نتائج ملموسة، وبدأ المواطن يشعر بأهميتها ويساعد في ترسيخها وتثقيف الناس حولها.
وأشار إلى أن هذا النوع من الاصلاحات الكبيرة تحتاج إلى الكثير من المعلمين والبنية التحتية المدرسية الكافية، وإرادة قوية ورؤية مستقبلية واضحة، وهو ما لم يكن متوفرا في الأنظمة السابقة، فقد باءت كل محاولات تطبيقها بالفشل، حتى جاء هذا النظام وجعل تطبيق المدرسة الجمهورية خيارا لا رجعة فيه وصار واقعا ملموسا بشهادة الجميع، فنحن – يضيف الوالي – عند زيارة أي مدرسة نجد أنها تضم كافة فئات المجتمع حيث يدرس ابن الوزير ورجل الأعمال إلى جانب ابن الحارس و الفئات الفقيرة، وهذا وحده إنجازا سيخلق جيلا متجانسا لا يشعر فيه أحد بالغبن ولا التهميش، وهو من أهم أهداف هذه المدرسة.
واستعرض والي كوركل الإنجازات التي تحققت في مجال التعليم على مستوى الولاية، من مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية، وذكر أن افتتاح السنة الدراسية 2020 من مقاطعة امبود كان فرصة كبيرة حصلت بموجبها الولاية على العديد من المنشئات التعليمية، ولدينا في هذه السنة خمسة عشر منشأة تعليمية سينتهي العمل فيها في الثلث الأول من السنة القادمة، ويتوفر طاقم تربوي قادر على تسيير هذه العملية في ظروف جيدة، ومن حيث البنايات والطواقم التربوية والتجهيزات المدرسية تعتبر ولاية كوركل محظوظة ولله الحمد نتيجة للعناية الكبيرة التي أعطاها فخامة رئيس الجمهورية لهذه الولاية، أضف إلى هذا أن الولاية ستشهد في القريب العاجل وضع حجر الأساس للمدرسة العليا للزراعة والتي ستساهم في تخريج مهندسين وكوادر زراعية موريتانية قادرة على سد النقص في هذا المجال.
وفي المجمل، أوضح الوالي أنه يمكن القول إن السنوات الاربع الماضية كانت مليئة بالأمل والإنجازات، متمنيا أن يتواصل هذا التوجه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي خلال السنوات المقبلة، عندها ستكون موريتانيا بخير ويلمس المواطن الموريتاني ويشاهد نقلة نوعية في مختلف المجالات.
تقرير : محمد عبدي