ردا على تساؤلات العديد من الاخوة حول دوافع استقالتي من الحكومة (يونيو الماضي)، فقد توجب تقديم التوضيحات التالية:
أولا: لم تكن استقالتي احتجاجًا ولارفضًا ولا اعتراضًا على أي إجراء قضائي بأي معنى من المعاني، إذ لا يحق ذلك لأي أحد مهما كان في مواجهة العدالة، ولا أحدَ فوق القانون أو المساءلة، بل قدمتُ استقالتي إذعانًا للقانون وخضوعًا له وقبولاً به، رغم معرفتي بأن الملف هو ملف سياسي بامتياز، وقد تمت فبركته في إطار تصفية حسابات سياسية بين خصوم سياسيين وفي موقع القرار السياسي والرقابي والقضائي.
ولقناعتي بأن الملف مفبرك بالكامل، ولأن بقائي وزيرا في الحكومة سيُشوش كثيرا على صورة التحقيق القضائي مهما كانت شفافية هذا التحقيق، والذي أثق ثقة مطلقة بأنه سيكون لصالحنا في النهاية.
وبغرض إشاعة ثقافة الاستقالة، وخاصة حين يكون لدى المسؤول العمومي أو زوجه أو فرد من أفراد الدائرة الأولى لقرابته قضايا يتطلب حُسن سير العدالة أو نزاهة التحقيق فيها وشفافيته أن يغادر هذا المسؤول موقع التأثير.
لذلك ودون تردد قررت أن أستقيل من موقعي كوزير، وهي خطوة في اعتقادي أربكت هؤلاء الخصوم وقرروا طي الملف حتى قبل فتحه، جُبنًا منهم عن المواجهة القضائية؟ أو اعترافًا بِخطئهم؟ أو مراجعةً لحساباتهم؟ لا أهمية لأي شيء من ذلك.
ثانيا: من حق الجميع أن يدرك أن الملف لا ذكر فيه لأي مبلغ مالي مُختلس، ولم يُوجِه المفتشون للمعنية أي إنذارٍ أو طلبٍ بدفعِ أي مبلغٍ أو إِعادتهِ مهما كان، وهو أمر تقتضيه الإجراءات ودرج عليه المفتشون، إذ هناك ما يزيد على 300 موظف ومسؤول عمومي طالبهم المفتشون بمبالغ – عن وجه حق أو غيره – ودفعوها ومازالوا يمارسون مهامهم التسييرية لحد هذه الساعة.
ثالثا: لم تتم تسوية الملف أبدا لأنه لم يفتح قضائيا حتى تتم تسويته، ولم ندفع أي مبلغ مهما كان لأنه لاوجود لمبلغ بالملف، وإنما هي إشاعة سوّقها هؤلاء الخصوم لإبقاءِ الشُّبهة مُثارة لا أقل ولا أكثر، وأَدعُوهم اليوم أن يقدموا للعموم ما يُثبت دفع أي مبلغ من طرفنا أو نِيابة عنا، أو أن هناك محضرا بالموضوع كله لدى الضبطية القضائية، أو تقديم ما يناقض ما قدمت لكم من معلومات، أرجو أن لا يَتردَّدوا في ذلك.